هل سيؤدي حل الحشد لحرب أهلية ام لأستباب السلم ألأهلي؟
سؤال على الكاظمي أجابته قبل فوات الأوان
د. لبيب سلطان
لايمر يوما في حياة العراقيين دون حادثة أجرامية تهز أبدانهم كبشر وكيانهم كشعب ودولة ، وكان أخرها أغتيال العقيد الفيلي من جهاز الأستخبارات الوطني، وقبله أغتيال الشهيد الوزني وقبلها الشهيد هشام الهاشمي ومجازر الأغتيال لمئات من المتظاهرين السلميين في أنتفاضة تشرين الوطنية والعشرات من المثقفين والأعلاميين والصحفيين الوطنيين والنشطاء المدنيين. أن أصابع الأتهام في جميع هذه الحوادث الأجرامية البشعة تشير الى مرتكب واحد لها: الفصائل المسلحة المنضوية تحت مظلة هيئة الحشد الشعبي، رغم أن الكاظمي أو السلطات لاتذكرها بالأسم ، ولكن القاصي والداني والأجهزة الرسمية والرأي العام والشعب العراقي يعلم ويعرف ذلك ، وينتظر من السلطات التحرك لوقف هذا ألأجرام السياسي المنظم الذي قوض ويقوض اسس الدولة ومؤسساتها والحياة الأمنة للشعب.
يقول الكاظمي بانه لايريد الأصطدام مع الفصائل المارقة بعد آخر تمرد قامت به في نهاية شهر مايس وأحتلال قلب العاصمة بغداد بإهانة واضحة للكاظمي (كونه القائد العام للقوات المسلحة) وبه أهانة لكل مؤسسات وأجهزة الدولة ولكل الشعب العراقي. ويبرر تجاهله لهذا التمرد والخرق الفاضح والأهانة المباشرة للشعب والدولة بانه لايريد الأصطدام تجنبا لأراقة الدماء، وطبل له الفريق عبد الغني الأسدي مدير جهاز الأمن الوطني بأنه موقف حكيم ، فهل هو كذلك؟ أم انه على العكس ، موقف متخاذل غير مسؤول وتخل واضح لأعلى مسؤول في الدولة العراقية وأجهزتها عن مهمتها الأساسية والأولى المتمثلة بالدفاع عن أمن الوطن والمواطن أمام فصائل متمردة خارجة عن القانون.
لقد اثبتت الهيئة وفصائلها المسلحة بهذا التمرد أنها لاتخضع للقائد العام للقوات المسلحة وهي ليست جزء من القوات المسلحة و لا تخضع لقيادة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة . أن موقف الكاظمي، في الواقع، يماثل تخاذل شرطي في الرد على مجرم أمامه لأنه لايريد الأصطدام بالمجرم. أن قانون الدولة سيتهم هذا الشرطي بالتخاذل في أداء واجبه ، ونفسه على الجندي المتخاذل، و نفسه ينطبق على الكاظمي “الحكيم” الذي غلب رؤيته ومصالحه الوظيفية الشخصية على مهمته الوطنية بالدفاع عن الدولة والمؤسسسات والمواطنين ، خصوصا وهو يتسنم أعلى مركز تنفيذي للدولة وفق الدستور.
أذا تركنا جانبا الجزئية الشخصية التي يتهم بها الكاظمي وهي حرصه على أكمال دورته والخروج بسلام منها وبقاءه حي يرزق بعدها، وحللنا حجته بعدم الأصطدام مع الفصائل والتغليس عن أعمالها ( كما وضح سابقا قيس الخزعلي زعيم عصابة أهل الحق) وذلك تجنبا لأمكانية أندلاع حرب أهلية وحفاظا على السلم الأهلي ، فالواقع يشير الى عكس ذلك ، . فليس اكثر تشجيعا للمجرم من السكوت أو تجاهل جرائمه، فاالسكوت وتجاهل ألأعمال الأجرامية لهذه الفصائل العقائدية المسلحة سيؤدي بها الى ممارسات أجرامية أكبر لتمهد الطريق للسيطرة الكاملة على الدولة والمجتمع وأنهاء الحياة الديمقراطية والسلمية في العراق، وهو أكبر تهديد للسلم الأهلي في العراق اليوم . أن التلويح بحرب أهلية هي حجة واهية للكاظمي ومن معه لتغطية التقاعس عن أداء مهام السلطة واجهزتها بحماية الدستور والدولة والمواطن، فلاتوجد أية ظروف لأندلاع حرب أهلية في العراق اليوم لو أمر القائد العام للقوات المسلحة (اي الكاظمي) بضم افراد الفصائل في هيئة الحشد الى الجيش العراقي ، فلا توجد طائفة أو قومية أو جيش سيعارض ، ولا نعلم بين من ستقوم الحرب الأهلية؟ فالشعب والمرجعية قد قالت قولتها والجيش الأجهزة الرسمية ستتتنفس الصعداء ، وكتل كبيرة من البرلمان ستقف الى جانبه (عدا كتل الفصائل ونوري المالكي الذي يتظلل بهذه الفصائل لحمايته من محاكمته في تمكين داعش من احتلال ثلث العراق عام 2014) . وعكسه فأن السكوت وتجاهل الأجرام والأرهاب ضد مؤسسات الدولة وضد المجتمع سيؤدي لأندلاع حرب أهلية عاجلا أم أجلا ، فلا الشعب يقبل ولا أجهزة الدولة ومؤسساتها تقبل باستباحتها والقضاء عليها تدريجيا مقابل توغل الفصائل وهيمنتها وتزايد قوتها وعديدها، وهو أكبر تهديد يتعرض له العراق اليوم، بل وحتى يهدد كينونة الدولة العراقية لو تمكنت هذه الفصائل وبقوة السلاح فرض أرادتها على الدولة والمجتمع ان لم يتم حلها اليوم ايضا ، وأنهاء وجودها قبل استفحالها الذي لا يمكن بعدها من السيطرة عليه.
د. لبيب سلطان
أستاذ جامعي وناشط مدني