من بيروت إلى بغداد مروراً بدمشق وغزة.. المشهد نفسه والخراب نفسه والفساد نفسه والمجرم نفسه.
هنا مهد الحضارة والتاريخ السرمدي … هنا من أرض لبنان ومن سورية إلى فلسطين والعراق.. هنا ثروات خيالية وشعب متعلّم ومثقف
هنا مياه دجلة والفرات والأردن والليطاني والعاصي .
هنا دول كادت تصبح من الأوائل في العالم علماً واقتصاداً ودفاعاً..
فماذا جرى؟ لماذا تسمحون للشقاق العرقي والطائفي أن يتدخّل ويقسّمكم إلى فئات متناحرة؟
تذكّروا أنّه في يوم من الأيام أيام السلطنة العثمانية كانت هذه البلاد بدون حدود وكانت التجارة حرّة والبشر ينتقلون بكل راحة من دمشق إلى بغداد ومن بيروت إلى القاهرة ومن الموصل إلى حلب.
ولا تنسوا أنّ هذه البلاد كانت مزدهرة ومتطورة قبل الحرب العالمية الأولى. ثم جاءت الحرب العالمية الأولى وفرض الانكليز والفرنسيون تقسيمات سايكس بيكو المجحفة وتدهورت هذه البلاد إلى الفقر والحرمان.
تذكروا أنّ مصر كانت توزع خيراتها على العالم وأنّ تجارتها كانت توازي بريطانيا العظمى قبل الحرب العالمية الأولى.
وتذكروا أنّ لبنان كان ينعم بخمسين عاماً من السلم والإزدهار فأعطى النهضة الأدبية العربية وأنّ بيروت كانت لا تزال شاهدة على العمران والبحبوحة قبل قدوم الفرنسيين، بأبنيتها الرسمية العثمانية وأسواقها والصنائع وبمرفأها.
وتذكروا أنّ جيش العراق عام 1915 هزم الغزو البريطاني وردّه على أعقابه.
هذا العراق بلد الخليفة الأمين والخليفة المأمون وبيت الحكمة وكبار الشعراء والأدباء والفلاسفة والعلماء..
هذا العراق الذي اجتاز مرحلة الغزو المغولي عام 1260 ومضى ليصبح من أرقى البلدان وأنّه كان كذلك قبل خمسين عاماً فقط..
عودوا إلى المنطق وإلى المواطنية وتحدثوا مع سورية ولبنان ومصر حول تجارة مشتركة وكهرباء مشتركة ومياه مشتركة وتجارة مشتركة.
هذا هو الطريق الصحيح.
يا أهل العراق انبذوا دستور بريمر التقسيمي كما نبذت سورية دستور أستانة التقسيمي، وعودوا إلى الوحدة الوطنية التي لا تميّز بين عربي وكردي وبين مسلم ومسيحي وبين سني وشيعي.
نريد العراق الذي نعرفه بلد الأحرار والشعراء والأدباء.
فلا ظهر لبيروت بدون بغداد ناهضة. الم تقل بلاغة العرب في قيمة الظهر: اليوم انشق ظهري يعني أنا أموت؟
كم من عراقيين نلتقيهم يعطون الصورة الناصعة عن بلد الخير في كلامهم وذوقهم وضيافتهم وثقافتهم من زاخو إلى الفاو.