هل اصاب وباء اليأس الشعب العراقي؟ وهل انتقل اليه بواسطة وباء كورونا.. ؟
د. غالب العاني
كلنا يقر بان المرحلة التي يمر بها العراق والشعب العراقي هي مرحلة صعبة وشائكة ومعقدة..
واوليات ومسببات هذا التشابك والتعقيد تبرز فيما يلي:
حاملو – ما يسمى بالسلاح المنفلت، – ولا اعلم لماذا لا نسمي الاشياء بمسمياتها ونقول المليشيات الولائية الأعضاء في الحشد الشعبي، وهي؛
١- ما يطلق عليه بالطرف الثالث وهو المالك والممارس للجرائم وما يطلق عليه السلاح المنفلت!) الذي بذمته دماء المئات من شهداء المتظاهرين السلميين والمختطفين والمغيبين والمعتقلين والاف المعوقين ،والهاربين.
٢- والغريب بالأمر، ان معظم -ما يسمون انفسهم بالمحللين السياسيين- يتكلمون عن قوى اللّادولة وعن الدولة العميقة وقدراتها العسكرية وتفوقها على الدولة العراقية .الخ، دون تحديد هويتها ومن يقف خلفها ويجهزها ويحميها..
٣- فمجلس القضاء الاعلى والادعاء العام في العراق واجبه ليس السكوت عما جرى ويجري من غياب كامل لسلطة القانون وكأنما لا يعنيهما حياة وامن المواطنين، وانما حماية انفسهم فقط و….الخ.
٤- اقولها بصراحة تامة: إن العراق الان دولة منهوبة ومستعمرة اقتصاديا وعسكريا ومذهبيا، وان ميزاته العامة؛ هي: الفقر والبطالة وشحة وسوء الخدمات العامة والضرورية في مجالات الصحة والتعليم والسكن والبيئة، اضافة الى الاوضاع الاجتماعية والعلاقات الانسانية البائسة، والتجاهل الكلي عن تطبيق وتنفيذ الحد الادنى من المواد الدستورية المتعلقة بأبواب الحريات والحقوق والانتهاكات الفظة لمجمل حقوق الانسان الاساسية..
لقد جاءت الثورة التشرينية 2019 كجواب على جميع هذه الاوضاع اللاإنسانية الرديئة ، وولدت حركة احتجاجات سلمية واسعة تطورت من مطالب خدمية في بداية انطلاقتها الى حركة تتحرر وطني واجتماعي واعية تهدف الى تغيير جذري للواقع العراقي على الاصعدة المختلفة وفي مقدمتها تحقيق الحرية والاستقلال السياسي والاقتصادي واسترجاع الكرامة والهيبة للعراق وشعبه.( أريد وطن).
والسؤال المشروع المطروح حاليا هو:
هل استطاعت الثورة التشرينية بروحها الوطنية ان تغير ميزان القوى لصالح الثورة والتغيير؟
اذ – مع الاسف الشديد- مازلنا لحد الان نسمع ونقرأ دعوات متكررة من اجل اعلان او تكوين جبهة عراقية وطنية شعبية واسعة تأخذ بيدها قيادة وتنفيذ الاهداف التشرينية الوطنية اعلاه..
اخبروني…ايها الوطنيون..!
متى ستتكون هذه الجبهة المنشودة؟
الا تشاهدون وتحسون بأن وباء اليأس قد تغلغل في الجسد التشريني متحالفا مع وباء الكورونا….!
واصبح تدريجيا اخطر من كورونا….!
وبصفتي ناشط في مجال حقوق الانسان لأكثر من اربعة عقود من الزمن المتعرج ، ولإيماني غير المحدود بالنظم الديمقراطية التي يجب بالا تختزل فقط إلى الانتخابات المزيفة – كما يجري حاليا في العراق- منذ عقد ونصف، يحق لي أن أجزم بأن الانتخابات القادمة ستكون اسوأ من سابقاتها تزويرا وخداعا، منتجةً برلمانا فاسدا معاديا لمصالح وتطلعات عموم الشعب العراقي، مما سيقود العراق الى مستقبل مجهول…. إن على القوى المدنية الوطنية والديمقراطية تدارك هذه الحالة المحتملة بالعمل على تشكيل الجبهة الوطنية والديمقراطية الواسعة باعتبارها أداة تحقيق التغيير الجذري المنشود…
في تصريح لوزير المالية العراقي الدكتور علاوي قال فيه:
د. غالب العاني
“موظفون يتسلمون مخصصات ” فاحشة” لا داعي لها ويجب ان تخفض.”
سنحاول الان إلقاء بعض الاضواء على بعض الارقام الخيالية الصادمة حقا. وكما نعلم، فان
الدولة العراقية تتكون من ثلاث سلطات متداخلة تفتقد الاستقلالية والقرار المستقل هي؛
السلطة القضائية والسلطة التنفيذية (الحكومة) والسلطة التشريعية (البرلمان)…
وهذه السلطات تتكون من:
” مجلس القضاء الاعلى. والمحكمة الاتحادية” و” الحكومة وملحقاتها” و”البرلمان”.،
إضافة إلى: حكومة الاقليم وبرلمانها..
وهناك:
أ- الحكومة.. لديها 23 وزيراً:
ولكن لديها:
١- ٨١١ وكيل وزير ( درجات عليا – ا- ).
٢- 5030 مدير عام ( درجات عليا -ب-..)
موزعة على الشكل التالي؛
** مجلس القضاء الاعلى ومرفقاته: 2125 مدير عام، ** وزارة التعليم العالي 486 مدير عام، ** وزارة الدفاع 300 مدير عام، ** وزارة الداخلية 300 مدير عام، ** الصحة: 23 مدير عام، ** وزارة الزراعة 14 مدير عام.
والبقية حوالي ( ٢٠١٠) موزعة على بقية الوزارات…
*** االاقليم؛996 مدير عام..
ب- البرلمان 225 نائبة ونائب.
ج- الرؤساء الثلاث..
د- المجموع الكلي 5992 موظف وموظفة تابعين فقط للتشكيلات في أعلاه ( إضافة إلى حوالي أربعة ملايين موظف آخر يعمل في الدولة)..
وإن هذا الكم الهائل من غير المنتجين أساسا، بل ممن يشارك في هدر وسرقة المال العام من الطبقة الفاسدة والمفسدة والمقر تشريعاً في موازنة العام 2021، أي ما يعادل حوالي 40 ٪ من الموازنة ويبقى حوالي 60 ٪ لعموم الشعب العراقي. أي:
أكثر من 40 مليون مواطنة ومواطن ومجموع المهمات الخاصة بالتنمية والمجتمع لهم الباقي الذي ينهب منه كثير أيضاً.
كلنا نتذكر جواب جلاد العصر (عادل عبد المهدي) على سؤال احد الاعلاميين؛
حيث قال، إنه يستلم مخصصات، عدا راتبه وامتيازاته المالية وغير المالية الأخرى مليون (1،000،000) دولار شهرياً يصرفها كما يراه مناسباً فأي عدالة وأي مأساة وأي خراب ودمار ونهب مشرعن يعيش تحت وطأته شعب العراق!!!
إنها جريمة كبرى بحق العراق وشعبه….
وان بؤس هذا الواقع وسوءاته يعود الى النهج الطائفي – الاثني – العشائري- المناطقي المحاصصي المتخلف والحاضنة الرئيسية للفساد المستشري، كمنظومة واسعة وفاعلة في عموم العراق وللإرهاب بمختلف صور ظهوره، لاسيما الاختطاف والقتل والتشريد.
وكذلك الدور الفاعل للمليشيات الولائية المتحكمة بأسلحتها ومكاتبها الاقتصادية ومصارفها المتعددة المسيطرة على الدولة والمتنفذة في المجالات الحياتية كافة…
وعليه، فالسؤال العادل والمشروع: الى اين يسير عراقنا المستباح؟