رسالة صريحة إلى مؤتمر القمة لجامعة الدول العربية في بغداد
يوم 17 أيار/مايو 2025:
ماذا عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحرير فلسطين؟
تأليف الدكتور علي جاسم العبادي
التاريخ: الجمعة، 25 نيسان/أبريل 2025
بَينَ أَياديكم الكريمة
مِن المؤمَّل أن ينعقد مؤتمر القمة لجامعة الدول العربية القادم في بغداد يوم 17 أيار/مايو 2025. ومنذ تأسيس جامعة الدول العربية في 22 آذار/مارس 1945 في مصر، التي تضمّ حاليًا 22 دولة، عُقِدَت العديد من القمم العادية والطارئة التي تناولت القضية الفلسطينية، وكانت محورًا رئيسًا لها في أكثر من 40 قمة عربية. مع ذلك، نأمل أن يكون هذا المؤتمر مختلفًا تمامًا عن المؤتمرات السابقة من حيث النتائج المؤثِّرة على أرض الواقع، وذلك بفضل الرعاية الكريمة من جانب المسؤولين العراقيين.
والسؤال هو: هل ستنطلق من العراق الشرارة الكبرى لتحرير فلسطين سلميًّا أو حربيًّا، أو سيبقى الحُكّام العرب والمسلمون واقفين على التلّ، أو في خندق التخاذل والاستسلام؟ وربّما يقولون، ليس لنا مِن الأمرِ شيءٌ، وما عَلينا، النارُ بعيدة عنّا، عندنا معاهدات سلام، إلخ. ولكن، بالنسبة للقادة الحقيقيين، إنها مسألة اختيار وخلق فرصة الانتصار.
لقد تَعلَّمْنا مِن تجارب الحياة والتاريخ أنّ الأشرارَ لا ينتصرون بفضل مهارتهم الفائقة بالشرّ وإنما بسبب تقاعس الأخيار عن حماية حقوقهم المشروعة الخيّرة. وهذه الحقيقة مُطَّرَدة على مستوى الأفراد والشعوب والحكومات الديمقراطية والاستبدادية والمنظمات الدولية وفي كل زمان ومكان.
نُوضّح في هذه المبادرة الإنسانية الخطوط العريضة للمشروع الشعبي لتحرير فلسطين وإزالة الظلم عن الشعب الفلسطيني، وهي خطوات عملية متكاملة وخارطة طريق وسياسة واقعية ضمن الحد الأدنى الممكن تنفيذها فعلًا، وذلك بطرقٍ سلمية بحتة من خلال التفاعل المباشر بين الشعوب والحكومات وقادة السياسة والدين والإعلام.
ونحن على قناعة تامة بأن مشروع تحرير فلسطين قد يفتح أمام زعماء الدول العربية والإسلامية آفاقًا جديدة لا يرونها حاليًا بسبب كثرة الضغوط والتحديات الداخلية والخارجية وكثرة الضجيج الإعلامي. وربما يتحوّل المشروع إلى فرصة تاريخية ذهبية سانحة لا مثيلَ لها ولا يجوز التفريط بها.
مِيزات المشروع لتحرير فلسطين
يمتاز مشروع تحرير فلسطين في هذه المبادرة الإنسانية بأنّه:
يَتَطلّب الحد الأدنى من الجهد الممكن فقط و “أضعف الإيمان” الذي يستطيع بذله كل إنسان عاقل بالغ وكل منظمة وحزب وحكومة وقائد ورئيس وملك وأمير بلا استثناء، وتنطبق عليه الآية القرآنية الشريفة “لَا يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (سورة البقرة 2، الآية 286)، وبذلك ترتفع الحجة عن كل شخص أينما يكون.
لا يتطلّب تجييش الجيوش الضخمة، ولا إطلاق الصواريخ العابرة للقارات، ولا إنفاق تريليونات الدولارات على شراء الأسلحة والتقنيات الحربية من أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها، ولا شدّ الأحزمة على البطون، ولا إصدار الفتاوى الدينية، ولا التضحيات بالأرواح والأموال والثروات الطبيعية، ولا يحتاج إلى إصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا تأييد المجموعة الأوروبية، ولا يحتاج إلى الوحدة الاندماجية العربية أو الإسلامية أو إنشاء تحالفات عسكرية، ولا يحتاج إلى اِستجداء التعاطف مِمّا يُسمّى المجتمع الدولي والضمير العالمي، ولا حتى رفع دعاوى لدى المحاكم الدولية.
يقع ضمن دائرة حقوق الإنسان الأساسية وحقوق الشعوب وطموحات البلدان بالعدالة الدولية، وضمن منظومة القوانين المحلية والدولية ومواثيق المنظمات العالمية، وضمن واجبات ومسؤوليات الدول تجاه الإنسانية كلّها، وضمن الوسائل والحلول السلمية المتاحة لجميع الدول.
يمثِّل الملاذ الأخير الذي لا مفرّ منه لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني المظلوم على مدى 108 سنين، ومعاناة الشعوب العربية والإسلامية من جرّاء الاحتلال الاستيطاني الصهيوني لأرض فلسطين التاريخية المقدّسة.
يُصحِّح المسارات الخاطئة التي لجأت إليها بعض الحكومات العربية والإسلامية في السابق بعقد اتفاقيات مع الكيان العنصري الصهيوني، وجعل الحكومات منسجمة مع طموحات شعوبها بضرورة إزالة الظلم والعدوان مرة واحدة وإلى الأبد. وكلّ الدول الآن حرة مستقلة ذات سيادة ويستطيع زعماؤها العرب والمسلمون اِتِّخاذ القرارات بدون إملاءات أجنبية من الدول العظمى وخاصة أمريكا وبريطانيا وفرنسا.
لهذا الغرض كُونُوا أمام التحدّي التالي:
هل يمكن تحرير فلسطين سِلميًّا في تسعة أشهر وليس في تسعين سنة من الآن؟
إذا قُلتم، كيف، هذا مُحال، خيال، جنون، أوهام، أمنيات، الظروف المحلية والدولية لا تسمح، إلخ، فنحن نقول هذه المبادرة مخصَّصة لكم.
ولِلإجابة السريعة على السؤال نقول، نَعَم، يمكن تحرير فلسطين سِلميًّا في تسعة أشهر بِشَرْطٍ واحدٍ لا غير، نُبَيّنِهُ بهذا العرض المُوجَز لمشروع متكامل وَفْقَ منظور شعبي. والسؤال ليس افتراضًا أو مزاحًا بل يستند بصورة جدّية إلى أساس “الممكن فعله حالًا والموجود الآن”. ومفردات المشروع متداولة بين الناس، حيث قمنا بصياغتها وبلورتها بإيجازٍ شديد.
لِمَنْ هذا المشروع، وماذا يهدف؟
لِلاختصار، نعتقد أنّكم على علمٍ واسع بتفاصيل القضية الفلسطينية وتحتاجون فقط إلى التعرّف على الخطوط العريضة الواردة أدناه لمشروع تحرير فلسطين، الذي يتميّز بالشمولية والفعّالية والطرق السلمية والمشاركة الشعبية الواسعة. ومِن خلال اتِّخاذ إجراءات حازمة وحاسمة، يهدف المشروع إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني على مدى 108 سنين، أي منذ “وعد بلفور البريطاني المشؤوم” سنة 1917، إلى يومنا هذا وتحرير فلسطين كلّها. وتهدف الحزمة من الإجراءات الذكية المتناسقة إلى تعزيز السيادة الوطنية في الدول العربية والإسلامية وإلى معاقبة أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وإجبارها على الرضوخ لحقوق الشعب الفلسطيني على أرضه كاملة بدون إطلاق رصاصة واحدة ضد تلك الدول. وهذا هو عنصر الذكاء الجَمعي والحِكمة الجَمعية لمن يريد ممارستها بالفعل. ونحن واثقون بأن هذه الإجراءات بمجملها تجعل كلَّ حاكمٍ عربيٍ ومسلمٍ بطلًا قوميًا في عشيةٍ أو ضُحاها، ويحتل صفحات ذهبية في التاريخ العالمي بلا أدنى شك.
ما أهدافنا الشخصية من هذه المبادرة الإنسانية؟
نحن ندرك جيّدًا عمق المشاعر السلبية، التي تنتاب الإنسان العربي والمسلم، والمرتبطة بالقضية الفلسطينية، كالألم والمرارة والحزن والغضب والإحباط واليأس والقنوط والخذلان والسأم وغيرها، التي تراكمت على مدى أكثر من مئة سنة. حتى أن بعض الناس اعتاد الظلم ويتعايش معه كأنّه قَدَرٌ محتوم، ولا يريد أن يرى أو يسمع أيّ شيء يخص حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم، ولا يريد مشاهدة أنباء المحرقة الإسرائيلية النازية اليومية في قِطَاع غَزَّةَ والضفة الغربية لكي يريح باله وضميره، هكذا! وذلك برغم التغوُّل المطلق والاستهتار المطلق الذي تمارسه قوات الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي بمشاركة فعّالة من أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. ولا جدال على أن مواقف قيادات الشعوب العربية والإسلامية عمومًا هي المسؤولة، وهي التي أوصلت الإنسان العربي والمسلم إلى هذه الحالة البائسة، لأنها لم تحقّق أية نتائج إيجابية لصالح الفلسطينيين حتى في أحسن الظروف.
ونهدف من هذه المبادرة الإنسانية إلى ما يلي:
أوّلًا: أن نُثبِتَ للجميع، حُكّامًا ومحكومين، بأن الحلول العملية لتحرير فلسطين موجودة ومتاحة وفي متناول الأيدي، وكل ما نحتاجه هو التفعيل، أي أن نُغَيِّر حالة الإمكانية الكامنة في العقول والنفوس الآن إلى حالة الفعلية النافذة في الواقع المحسوس الآن، كأيّ شيءٍ آخر في حياة الإنسان اليومية. بمعنى أنّ الحلول العملية هي أمام أعيننا تمامًا ولكن لا نراها لأنها قريبة جدًّا، ولأن العدو الصهيوني يشغلنا عنها بمهارة إعلامية فائقة.
ثانيًا: نهدف إلى تحقيق الحلول الإنسانية السلمية لكلا الطرفين؛ أي للشعب الفلسطيني المظلوم المضطهَد على مدى أكثر من مئة سنة، ولأفراد الشعوب العِبرية الأجنبية المُعتدية المكوِّنة للمجتمع الإسرائيلي الهجين وبطرق سلمية أيضًا، كما نوضّح أدناه.
ثالثًا: نهدف إلى صدم كل شخص يلوم الضحية الفلسطينية الضعيفة لأنها تقاوم، ويتغاضى عن المجرم الصهيوني الإسرائيلي المعتدي لأنه قويّ متجبّر، سواءً كان الشخص صهيونيًا محترفًا أو متأثرًا بالإعلام الصهيوني أو غير واعٍ بالقضية الفلسطينية من أساسها أو لامُبالٍ.
رابعًا: لا نهدف مطلقًا إلى إلقاء الحجة على الحُكّام والشعوب ولا إحراجهم وزجّهم أمام الأمر الواقع، ولا توجيه التهم، ولا المدح أو الذم، ولا جلد الذات بسياط التأنيب والتوبيخ والملامة والندم، لأن هذه الطرق غير مُجدية، كما رأينا ذلك جليًّا على مدى أكثر من مئة سنة.
خامسًا: لا نهدف إلى تعزيز نظريات المؤامرة المنتشرة إلى درجة الرسوخ في نفوس بعض الناس لتفسير مختلف الأحداث، سواءً كانت المؤامرات ضد الشعب الفلسطيني موجودة بالفعل حسب الوثائق أو خيالية غير موجودة، وتفسر كل شيء بطرق سحرية بهلوانية تبدو ذكية ولكنها في الواقع غبية، وهي أمور لا نحتاجها إطلاقًا.
مستلزمات نجاح المشروع السلمي لتحرير فلسطين
المشاركة الجماهيرية الواسعة
إنّ أفضل وسيلة لضمان مشاركة كل فئات الشعب هي إجراء الاستفتاء الشعبي الشامل حول الخطوات اللازمة المذكورة أدناه. إذ تكشف نتائج الاستفتاء موقف الشعب عمليًّا، وتجعله منسجمًا مع موقف القيادة السياسية والمراجع الدينية في البلاد ومالكًا للمشروع ومسؤولًا عن إنجاحه، وتزيل الشكّ والتهيّب والقلق الذي قد يساور بعض الزعماء من تبنّي هذا المشروع السلمي. وحتى لو يعتقد الزعيم أن شعبه معه مِئة بالمئة فإن الاستفتاء ضروري من أجل التفاعل الجماهيري الواسع والدعم الفعّال. ويمكن إجراء الاستفتاء بطريقة سهلة وهي استخدام أجهزة الهواتف النقّالة أو الأسئلة المباشرة لمن لا يمتلك الأجهزة.
التخلّص مِن عُقدة “حماس” والجدل السامّ حول السلطة الفلسطينية
لا بُدَّ من التخلّص من الأوهام والعُقَد الكثيرة المتراكمة على مرّ السنين، ونَذكر منها الأكثر أهمية. إنّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وكل فصائل المقاومة الفلسطينية سابقًا وحاليًا، مِن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار السياسي، وبضمنها منظمة “فتح” والجبهة الشعبية وغيرها، لم تكن مشكلة في يوم من الأيام، وإنما “إسرائيل” هي المعضلة الكبرى والمرض السرطاني الخبيث الذي زرعته بريطانيا في قلب البلاد العربية والإسلامية قبل 78 سنة. ويجب التمييز بين الجناح السياسي، وهو الإدارة الحكومية بقيادة “حماس” في قِطاع غَزَّةَ، وبين الجناح العسكري وهو المقاومة المسلحة ضد الغزو والاحتلال الأجنبي الصهيوني العنصري الإسرائيلي العِبري اليهودي. فقد يتفق أو يختلف الشخص مع سياسة حكومة “حماس” كأيّ حزبٍ سياسي آخر، ولكن لا يجوز الاختلاف مع المقاومة الوطنية الفلسطينية ضد العدو الإسرائيلي، لأن مقاومة المعتدي مسألة غريزية وتلقائية، ولا تحتاج إلى فتاوى دينية وسياسية وقرارات أممية، وهي مشروعة في كل الأديان والقوانين المحلية والدولية، ولا جدال في ذلك مطلقًا. والسلطة الفلسطينية لحكومة “حماس” في قِطَاع غَزَّةَ هي سلطة شرعية جاءت بعد فوزها بانتخابات حرة ديمقراطية عامة تشريعية سنة 2006. أما السلطة الفلسطينية في مدينة رام الله بالضفة الغربية بزعامة محمود عباس فهي سلطة غير شرعية نهائيًا لكنها تحظى بتأييد حكومات إسرائيل وأمريكا وغيرها. مقابل هذا، ليس من حق عصابات الكيان الإرهابي العنصري الإسرائيلي البقاء في فلسطين التاريخية يومًا واحدًا أو الدفاع عن نفسها لأنها قوات احتلال أجنبي وإرهابي واستيطاني من الطراز الأول. بالإضافة إلى ذلك، يجب التخلّي تمامًا وفورًا عن الخرافة والخدعة الصهيونية القديمة الكبرى المُسمّاة “حلّ الدولتَين”، أي دولة فلسطين المزعومة إلى جانب دولة إسرائيل، لأنه يتناقض تمامًا مع جوهر المشروع الصهيوني القائم على أسطورة “إسرائيل الكبرى” من النيل في مصر إلى الفرات في العراق وسوريا، وهو ما يصرّح به علنًا ويوميًا كل مسؤول حكومي وكل مستوطن إسرائيلي.
وعندما يقول المجرم السفّاح نَتِن ياهو إنّه يستهدف المدنيين ويقتلهم عمدًا، لا سيما الأطفال والنساء والشيوخ والكوادر الطبية والإدارية والأمنية، ويدمّر المستشفيات والجامعات والبنى التحتية في قِطَاع غَزَّةَ لأن عناصر “حماس”، حسب زعمه، يتّخِذون منهم دروعًا بشرية ومراكز للاختباء والسيطرة والتحكّم، فهو بالواقع يأخذ جزءً واحدًا مِن مِئَة جزءٍ وينسج عليه أخبارًا مزيفة. وذلك لأن عناصر “حماس” هم الحكومة والإدارة والبلدية التي تدير شؤون القِطاع يوميًا، وهم جزءٌ من الناس وبينهم وأمامهم وخلفهم بِاْستمرار، وهم في جزء مِن وطنهم المحتلّ، ولا يحتاجون إلى الاختباء أو اِتِّخاذ دروعٍ بشرية.
ومَن يطالب “حماس” بإلقاء السلاح ومغادرة غَزَّةَ عليه بنفس الوقت أن يطالب الإسرائيليين بإنهاء احتلالهم العسكري لأرض فلسطين ومغادرتها فورًا إلى مواطنهم الأصلية التي جاؤوا منها في أوروبا وأمريكا ومناطق أخرى بلا رجعة، وأن يُقَدِّموا اعتذارات شفهية وخطية وتعويضات مادية ضخمة إلى ذوي الشهداء والضحايا الفلسطينيين. هذا هو منطق العدالة الطبيعية. ومَن يَتَّهِم “حماس” بالمسؤولية عن المحرقة الإسرائيلية النازية ومجازر الإبادة البشرية البشعة فهو متأثِّر بالإعلام الصهيوني دون وعيٍ منه ويتجاهل أن المقاومة الفلسطينية حيثما تكون هي رد فعل مشروع ضد الغزو والاحتلال الصهيوني الأجنبي. ويتجاهل أن تاريخ المأساة الفلسطينية لم يبدأ في يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو بداية “عملية طوفان الأقصى”، وإنما بدأ مع “وعد بلفور البريطاني المشؤوم سنة 1917″، ثم تأسيس الكيان العنصري الصهيوني الإرهابي سنة 1948. وهذا هو منطق القانون الطبيعي. ومَن يطالب “حماس” بإطلاق سراح ما تبقّى لديها من الجنود الإسرائيليين الأسرى، وهم حوالي 70 أسيرًا، دون قيدٍ أو شرطٍ فعليه أن يطالب إسرائيل بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون العدو الصهيوني بدون محاكمات ولا تهم جنائية حقيقية، وعددهم أكثر من 15,000 أسيرٍ، وفيهم عدد كبير من الأطفال والنساء، ويتعرضون لأبشع وسائل التعذيب النفسي والجسدي على مدى عقود من الزمن.
الحملات الإعلامية المكثفة والذكية
يتولّى الزعماء العرب والمسلمون تسخير كل الإمكانات الإعلامية للتركيز على بعض الأساطير الصهيونية المنتشرة لغرض دحضها ونسفها ولتحقيق الأهداف التالية:
أوّلًا: توعية يهود العالم بأنهم أساسًا ضحية مركّبة ست مرّات على الأقل للمؤامرة الصهيونية الإجرامية الكبرى التي ارتكبها وتواطأ عليها الأوروبيون المسيحيون، لا سيما حُكّام بريطانيا وفرنسا وبولونيا وألمانيا وأمريكا وروسيا في مطلع ومنتصف القرن العشرين الماضي، للتخلص مِمّا أسموه “معضلة اليهود”. فقد مارس مسيحيو أوروبا اضطهاد المواطنين اليهود على مدى أكثر من 2000 سنة بسبب ديانتهم فقط، وذلك منذ أيام الإمبراطورية الرومانية. ثم قامت المنظمات الصهيونية المسيحية الأوروبية بتوريط يهود أوروبا والعالم بابتكار “عنصر أو جنس بشري متميز” بدمج عقيدة التفوّق العنصري القوقازي مع الديانة اليهودية واللغة العِبرية الأوروبية ومع مفهوم الوطن الواحد والقومية الواحدة، وصبّها في قالب اسمه “الصهيونية العالمية”. ولأن الإمبراطوريات الأوروبية المسيحية هي عنصرية حتى النخاع لاقت العنصرية الصهيونية رواجًا كبيرًا في أوروبا وأمريكا، واصْطَفَّت معها في تمجيد الغزو والاحتلال والتوسع بالقوة العسكرية على أساس تفوّق العنصر القوقازي والديانة المسيحية. واستقر رأي القيادة السياسية في بريطانيا في مطلع القرن العشرين على اختيار فلسطين لتهجير يهود أوروبا إليها لأنها وقعت تحت الاحتلال البريطاني، ولأنها دولة عربية إسلامية ومهمة في موقعها الجغرافي. وبذلك استخدموا يهود أوروبا كوسيلة فعّالة لتمزيق بلاد العرب والمسلمين بخلق كيان اصطناعي أجنبي، إلى جانب تمزيق البلدان العربية حسب المعاهدة البريطانية الفرنسية المُسمّاة “سايكس – بيكو”. وعندما يَزِجّون باليهود في منطقة واحدة في فلسطين فسيكون سهلًا في المستقبل على العرب والمسلمين إبادة اليهود المهاجرين، وهذه مشكلة بينهم، وبذلك تغسل بريطانيا وأوروبا أيديها من دماء اليهود! ثم تواطأت المنظمات الصهيونية الأوروبية مع النظام النازي الألماني بزعامة أدولف هتلر لتهجير اليهود بطرق الترغيب والترهيب الخبيثة. ثم حدثت المحرقة النازية ضد فئات سكانية متنوعة ومن بينهم يهود أوروبا، وتزايدت موجات اللجوء والهجرة غير الشرعية إلى فلسطين المحتلة. وإن اليهود بشكل عام بلعوا الطُّعم ووقعوا في الفخ الصهيوني المسيحي الخبيث. وهم يعيشون الآن وبال أمرهم، وبدلًا من أخذ ثأرهم من الدول الأوروبية المسيحية والعودة إلى أوطانهم الأصلية قام اليهود الصهاينة الأوروبيون بإبادة السكان الأصليين الفلسطينيين الأبرياء في فلسطين المحتلة وغصب أراضيهم واضطهاد الناجين منهم، تمامًا كما فعل الغزاة الأوروبيون القوقازيون في أمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا ومناطق أخرى من العالم، لأنّ لهم نفس العقلية والثقافة العنصرية. هذا عدا عن حقيقة أنّ الكيان العنصري الصهيوني الإسرائيلي في فلسطين المحتلة هو أكبر قاعدة عسكرية وجاسوسية أمريكية – بريطانية في العالم، ويستميتون بالدفاع عنها، ويجرّبون من خلالها كل الأسلحة الفتاكة الحديثة على الشعب الفلسطيني المظلوم.
ثانيًا: تُوضِّح الحملة الإعلامية بالأدلة القاطعة بأن حاملي الجنسية الإسرائيلية حاليًّا لا علاقة لهم مطلقًا بالفئات التي كانت تُسمَّى “بنو إسرائيل” في التوراة والإنجيل والقرآن الكريم، وذلك حسب اكتشافات علوم الآثار والإنسان والتاريخ والوراثة. وليست لهم أية استمرارية بالسكن في فلسطين التاريخية. ولم تكن لهم دولة بِاْسم “إسرائيل” في الماضي قبل سنة 1948. وإن كل شخص إسرائيلي صهيوني في الوقت الحاضر هو واحد مِن أبناء العصابات الإرهابية الصهيونية اليهودية القادمة من أوروبا والمستولية على أرض فلسطين التاريخية. وإن أيّ اِدِّعاء صهيوني بملكية أرض فلسطين، على أساس أن بعض اليهود سكنوا فيها بضع سنين قبل ثلاثة آلاف سنة، هو هراء سخيف يليق بهم فقط، ولا تعرف البشرية في تاريخها إلهًا يعمل سمسار عقارات لبعض الناس. مقابل ذلك، فإن الشعب الفلسطيني يعيش في وطنه، أرض فلسطين التاريخية، بصورة مستمرة منذ أكثر من 4000 سنة، أي قبل ظهور الديانة اليهودية وقبل ظهور العِبرانيين في المنطقة التي نسمّيها اليوم بلاد العرب والمسلمين.
ثالثًا: تُوجِّه الحملة الإعلامية نداءً إنسانيًا مُلِحًّا لمطالبة حاملي الجنسية الإسرائيلية والمزدوجة أن يغادروا فلسطين المحتلّة فورًا والعودة إلى بلدانهم التي جاؤوا أو جاء آباؤهم منها، وذلك لأن أية مواجهة عسكرية محتمَلة ستؤدي إلى تدمير كل شيء في فلسطين المحتلة ولن ينجو شخص منها على الإطلاق. وإذا أراد المسيحيون واليهود الغربيون في المستقبل زيارة بعض الأماكن المقدسة في فلسطين الحرة سِلميًّا فإن أهل فلسطين يرحبّون بهم كضيوف فقط، كما كانوا يفعلون بالماضي على مدى 1400 سنة.
رابعًا: تُوجِّه الحملة الإعلامية نداءً إنسانيًا إلى الفلسطينيين الساكنين ضمن الأراضي المحتلة، بما يُعرَف فلسطين 1948، باللجوء مؤقّتًا إلى الضفة الغربية أو قِطاع غَزَّةَ أو أي بلد قريب آخر ريثما تنتهي العمليات العسكرية المباشرة، إن حدثت بالفعل، إلّا إذا استيقنوا أنه يمكنهم البقاء على قيد الحياة.
خامسًا: لِتَكونَ الإجراءات فعّالة والجهود مكثّفة يجب التركيز على ثلاث دول تشكّل محور الشر والإرهاب في العالم لأكثر من 120 سنة، وهي حكومات بريطانيا وأمريكا ومجتمع إسرائيل كلّه قبل وبعد تأسيس الكيان الصهيوني المشؤوم سنة 1948، لأن كل التعريفات القانونية للإرهاب تنطبق عليها بشكل مدهش. إن حجم الظلم والاستهتار بأرواح الناس والمجازر التي يمارسها هذا المحور الشرير لا مثيل له في تاريخ البشرية القديم والمعاصر. وحكومات تلك الدول غَدرت ويمكن أن تغدر بأيّ زعيم عربي أو مسلم في أية لحظة تراها مناسبة الآن ومستقبلًا. إنّها مسألة وقت لا غير.
سادسًا: تُوضِّح الحملة الإعلامية أنّ إسقاط الخيار العسكري هو الأفضل لأن الخيار السلمي أكثر فعّالية وديمومة وإنسانية وأخلاقية من أيّة مواجهة عسكرية جزئية أو شاملة مع محور الشرّ، إسرائيل وأمريكا وبريطانيا، وذلك لأسباب كثيرة خارج نطاق هذه الرسالة.
لماذا تسعة أشهر لتحرير فلسطين؟
بعدما أسقطنا الخيار العسكري لا يبقى أمامنا سوى الخيار الاقتصادي العملاق الذي تملكه الدول العربية والإسلامية بالفعل، وهو أقوى ممّا يعتقد الكثيرون. ومُدّة تسعة أشهر كافية لظهور علامات المؤشر الفني للركود الاقتصادي لِمُدة فَصلَين متتابعَين، أي ثمانية أشهر، حيث نلاحظ الانخفاض بنشاط السوق في جميع مجالات الاقتصاد. وعندما يكون الركود عميقًا وطويل الأمد فإنّه يتحوّل إلى الكساد الاقتصادي. وهذه المدة كافية أيضًا لإشعال الشرارة القوية لإحداث تغييرات سياسية واجتماعية عميقة تؤثر مباشرة على صانعي القرارات العامة وأصحاب النفوذ الواسع. والخطوات التي نذكرها أدناه تؤدي بشكل غير مسبوق إلى إيلام اقتصاديات الدول الثلاث المكوِّنة لمحور الشر والإرهاب الدولي، وهي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
اِنهيار الإمبراطوريات العظمى والكيانات المُصطنَعة
يجب تحفيز الوعي الجَمعي الإنساني عمومًا لإدراك أن انهيار الإمبراطوريات والدول العظمى قديمًا وحديثًا يحدث بعوامل داخلية بالدرجة الأولى، وقد تحتاج إلى “دَفعة خفيفة” من الخارج لِيَبدأ الانهيار والتفكّك. ونحن نعتقد أن تحرير فلسطين سيحدث نتيجة لِاْنهيار إسرائيل من الداخل لأسباب كثيرة متظافرة، نذكرها في مناسبة أخرى. ومع أنه لكلٍّ مِن أمريكا وبريطانيا صفة الإمبراطورية العظمى والطغيان الكبير إلّا أن بدايات التفكّك والانهيار الداخلي أصبحت واضحة، حسبما يراه الخبراء الأمريكيون والإنكليز أنفسهم، وقد تساعد الإجراءات الواردة في هذا المشروع بتسريع انهيار تلك الدول حيث تعود إلى ما كانت عليه بشكل إمارات وإقطاعيات وولايات متنافرة ومتصارعة فيما بينها، وتكفينا شرّها وغدرها.
الفرصة التاريخية الذهبية، وتوقيتها هنا والآن
لِتَنفيذ المشروع الخاص بتحرير فلسطين، بإمكان الزعماء العرب والمسلمين أن يستغلوا أفضل استغلال كُلًّا مِن حماقة الإمبراطور الأمريكي دونالد ترامب المتميّزة وشخصيته المضطربة، وهمجية واستهتار مجرم الحرب السَّفَّاح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نَتِن ياهو وعصاباته الإرهابية، وانتهازية الدمية العقربية التابعة وهو رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. وضمن التشكيلة الفريدة من الظروف الشخصية والدولية تظهر العقلية الطغيانية التي لا ترى لنفسها حدودًا، وهنا بالذات تبدأ بِاْرتكاب الأخطاء القاتلة والمؤذية لنفسها وكيانها واستمرارها. وإذا استعرنا لغة الفلكيين فإنّ فَلَكَ هؤلاء القادة الثلاثة مُتَّسِقة ومُواتِية لتنفيذ مشروع تحرير فلسطين. وأحرى بالزعماء العرب والمسلمين أن يستفيدوا أيضًا من التعاطف العالمي الواسع مع حقوق الشعب الفلسطيني على إثر المحرقة الإسرائيلية النازية وحملات الإبادة البشرية والجرائم البشعة التي ترتكبها العصابات الصهيونية الإرهابية الحاكمة في تل أبيب على مدى 18 شهرًا الماضية في قِطَاع غَزَّةَ والضفة الغربية، وعدوانها العسكري المتكرر على لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن. ولَعلّ اغتنام هذه الفرصة الذهبية يؤدي إلى الحل السلمي الشامل والعادل والنهائي والانتصار لحقوق الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين كلّها.
ما الشرط الوحيد الذي يضمن نجاح عملية تحرير فلسطين سِلميًّا خلال تسعة أشهر؟
في الواقع يُوجَد شرط واحد فقط يتميّز عن كل الشروط المادية والسياسية الأخرى، ويضمن نجاح عملية تحرير فلسطين خلال تسعة أشهر أو أقلّ، وهو الإرادة الحرة الوطنية المستقلة عند كل زعيم عربي ومسلم. ونعتقد أن الشعوب العربية والإسلامية تتحرّق للشروع بهذا العمل الإنساني النبيل والموقف التاريخي الخالد. فقط، يريدون الشرارة الأولى لِيَتَحَرَّكُوا! مقابل ذلك، فإن مشاعر الغليان والانفجار عند الشعوب تُولِّد الدمار الشامل إذا لم يتمّ استثمارها بشكل صحيح لأغراض خَيِّرة.
ما جوهر الفكرة في مشروع تحرير فلسطين؟
إنّ جوهر الفكرة التي ندعو إليها قادة السياسة والدين والإعلام العرب والمسلمين هي إعلان التمرّد المدني والسلبي على سياسة الحكومات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، على طريقة العصيان المدني التي يمكن أن تحدث في أي مجتمع بالعالم، وذلك بطرق منهجية شاملة وبتنسيق علني مفتوح بين الزعماء والشعوب. وآليات التمرّد السلمي التي نوضّحها باختصار شديد هي بالواقع ضمن إمكانات الحُكّام والجماهير والطاقات الكامنة الضخمة، التي لم يستخدموها حتى الآن، ولا يمكن الاستهانة بها، ولا يستطيع أحدٌ منعها أو شنّ حرب عسكرية ضدّها، ولا ينفع معها التهديد والوعيد والتآمر والإغراءات. ويمكن إلى حدٍّ ما الاقتداء بموقف الدول المجاورة للولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو ودول الاتحاد الأوروبي ضد استفزازات وإجراءات دونالد ترامب العبثية الحمقاء في كل المجالات.
إذًا، ماذا يَمنَعُ الزعماءَ العربَ والمسلمين مِن تنفيذ خطوات المشروع لتحرير فلسطين؟
فيما يلي نوضّح ما يمكن عمله كإجراءات عملية وذكية وعاجلة، بدون المزيد من الشرح والتعليق:
يبادِر كلّ زعيم عربي ومسلم من تلقاء نفسه بفعل ما يستطيع ضمن إمكانات بلده وشعبه وموقعه الجغرافي، وكذلك بالتنسيق مع البلدان المجاورة له بشكل علني من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تؤدي شفافية الإجراءات الصارمة والعادلة إلى تفاعل وتحمّس كل الشعوب العربية والإسلامية بصورة تلقائية، وتعاطف شعوب العالم.
سحب كافة الأموال العربية والإسلامية المُودَعة في المصارف الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والألمانية والسويسرية، وتصفية الأملاك فورًا، وإعادة الاستثمارات إلى بلدان العرب والمسلمين وإلى دول مختلفة آمنة وخارج الهيمنة الأمريكية والبريطانية وشركات غير معادية، وذلك كإجراءٍ استباقي قبل أن تبادر تلك الدول إلى مصادرة الأموال واستخدامها لتمويل الإرهاب والاضطرابات في الدول العربية والإسلامية. ونُذَكِّرُ بما حدث في الماضي القريب أثناء الركود الاقتصادي الأمريكي والأزمة المالية العالمية التي سبّبتها سنة 2008 في نهاية حكم مجرم الحرب جورج بوش الابن، حيث عانت الدول العربية من خسائر فادحة بلغت 350 مليار دولار أمريكي، وخسرت صناديق الثروة السيادية في بلدان الخليج العربي مليارات الدولارات جراء استثمارها في الأسواق المالية الغربية.
تمزيق، نعم تمزيق، وإلغاء كل المعاهدات الثنائية والدولية خاصة المتعلقة بما يُسمّى التطبيع والسلام مع الكيان الإرهابي الصهيوني العنصري في فلسطين المحتلة، ومعاهدات الشراكة والصداقة والدفاع الأمني المشترك مع أمريكا وبريطانيا، وذلك علنًا أمام الصحافة العالمية، والتأكيد على أنها معادية لمصالح الشعوب العربية والإسلامية ومعادية للدين الإسلامي والقيم الأخلاقية الإنسانية. والأولى أن يتحلّى القائد العربي والمسلم بالشجاعة ويُعلِن وفاة الاتّفاقية بعدما خَرَقَها ونقضها وقتلها العدو الصهيوني عمدًا. وتوجد مقولة مشهورة في الثقافة الأوروبية والأمريكية وهي، نحن نضع القواعد ونحن نخرقها متى نشاء، وهذه الحقيقة تمارسها أيضًا النخَب الحاكمة بِاْنتظام وخاصة عندما يتعلق الأمر بمن تسمّيهم “دول العالم الثالث، الدول النامية، الدول الفقيرة، الدول المتخلفة، الحليفة، الصديقة، إلخ”.
إخلاء موظفي السفارات والقنصليات وطلاب البعثات العلمية ورعايا البلدان العربية والإسلامية من دول محور الشر، وإغلاق دوائرها نهائيًا وليس بصورة مؤقتة.
إغلاق كل السفارات والقنصليات والمراكز التابعة للدول الثلاث وطرد موظفيها فورًا، وتحويل البنايات إلى مصالح وخدمات عامة، والامتناع التام عن تعيين قائمين بالأعمال نيابة عن تلك الدول لرعاية مصالحها. ويترتّب على ذلك منع السفر مِن وإلى البلدان المعنية لأي غرضٍ كان.
إغلاق كل القواعد العسكرية والجاسوسية التابعة لتلك الدول الثلاث وطرد العاملين فيها فورًا وتحويلها إلى خدمات عامة.
إلغاء كافة عقود البيع والشراء مع تلك الدول بدون استثناء، وينتج عنه وقف تصدير النفط والغاز والخامات المعدنية والمنتجات الزراعية والحيوانية إلى الدول الثلاث بشكل مباشر أو غير مباشر، وإلغاء الواردات منها. وكذلك توجيه الصادرات والواردات عمومًا إلى الدول الصديقة غير المعادية للشعب الفلسطيني.
إلغاء التعامل بالدولار الأمريكي وخدمة “سويفت”، وهي مؤسّسة الاتصالات السلكية واللاسلكية المالية بين البنوك في كافّة أنحاء العالم، التي تسيطر عليها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية مباشرة، والاستعاضة عنها مؤقتًا بعملة اليورو الأوروبية أو اليوان الصينية أو الروبل الروسية والتعامل المباشر بلا وساطة.
إلغاء استخدام بطاقات الائتمان الأمريكية والبريطانية والاستعاضة عنها بالبطاقات المصرفية المحلية.
تأميم كل فروع الشركات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية المتعددة الجنسية والمتعاونة معها في كافة المجالات، ومنع الإعلانات لها في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. ويتمّ تغيير أسماء الشركات إلى أسماء وطنية ومحلية، مع استمرار الموظفين والعمال بوظائفهم، والمحافظة على المستويات العالمية في الإنتاج والخدمة.
إلغاء خوادم الشبكة الدولية (إنترنت سيرفر) ومكائن البحث في الشبكة الدولية الأمريكية والبريطانية والاستعاضة عنها بالخوادم ومكائن البحث الآسيوية والإقليمية.
إغلاق الأجواء والممرات البرية والمائية، وهي أهم الممرات المائية في العالم، بوجه وسائط النقل التابعة أو المؤدّية إلى خدمة الدول الثلاث، إسرائيل وأمريكا وبريطانيا. فمثلًا، في المنطقة العربية والإسلامية وحوض البحر المتوسط يوجَد: مضيق جبل طارق (بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي)، قناة السويس (بين البحر المتوسط والبحر الأحمر)، مضيق الدردنيل (بين بحر مرمرة وبحر إيجة)، مضيق البسفور (بين البحر الأسود وبحر مرمرة)، مضيق باب المندب (بين البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب)، ومضيق هرمز (بين الخليج العربي وخليج عُمان) وهو شريان حيوي لنقل النفط. وفي منطقة جنوب شرق آسيا يوجَد: مضيق ملقا (بين بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي)، مضيق سوندا (بين بحر جاوة والمحيط الهندي)، ومضيق لومبوك (بين بحر فلوريس والمحيط الهندي). وكذلك، يجب منع رسو السفن الحربية والتجارية في الموانئ العربية والإسلامية والاقتراب من المياه الإقليمية، ومنع هبوط وإقلاع الطائرات والمُسيَّرات في المطارات والمرور بالأجواء ومنع طائرات التجسس والأقمار الصناعية التجسسية. وتَفرِض قوانين الملاحة الدولية وقوانين حقوق الإنسان على كل الدول أن تتّخذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع تمويل وإسناد وتمكين النشاطات المتّسِمة بالإرهاب الدولي وحروب الإبادة البشرية والعِرقية والجرائم ضد الإنسانية وتهديد السلم الإقليمي والعالمي. وكل هذه الجرائم كانت وما تزال أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ترتكبها بِاْستمرار وإصرار. ويتمّ المنع بِاْعتراض السفن الحربية والتجارية وعرقلة مرورها بطرقٍ سلمية، ولكن يجب الاستعداد بالرد العسكري إذا لجأت تلك الدول إلى العدوان.
الاعتذار والتعويضات: تُطالِب الحكومات والشعوب العربية والإسلامية كافة المحافل الدولية، وبصورة خاصة الدول المسؤولة عن تأسيس ومساندة الكيان العنصري الصهيوني الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وهي بريطانيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وروسيا وبولونيا وهنغاريا، بالاعتذار الرسمي الشفهي والخطي والحكومي إلى الشعب الفلسطيني المظلوم على مدى 108 سنين ولا سيما ذوي الشهداء والضحايا والمُهجَّرين قسرًا، والشروع بدفع تعويضات مالية لصالح الشعب الفلسطيني مباشرة، ومن خلال السلطة الفلسطينية المُنتخَبة شرعيًّا، والتي نحسبها بحوالي 108 تريليون دولار أمريكي.
مِن المتوقَّع أن تظهر اعتراضات وجيهة من بعض الناس تتعلق بالمعاهدات الثنائية والإقليمية والدولية، كالحدود السياسية الجغرافية وحرية الملاحة في الممرات المائية والجوية والبرية، وضرورة الالتزام بها. ولكن، هذه المعاهدات كلها يجب ألّا تضرّ بمصالح البلدان المعنية، وألّا يكون الالتزام من جانب واحد. ومِن الثابت أن الدول الثلاث، أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، خرقت كل المعاهدات والقوانين الثنائية والدولية بِاْستهتار شديد لا مثيل له، وسبّبت شلل المؤسسات الدولية، مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمحاكم الدولية، ومنعتها مِرارًا وتكرارًا من اتِّخاذ أي إجراء صارم ضد انتهاكاتها للقوانين الدولية. ومِن بين الاعتراضات ما يتعلّق بِاْحتمال أن ترتدّ كل الإجراءات أعلاه سلبيًّا على اقتصاديات الشعوب العربية والإسلامية واستقرارها وأمنها. لكن هذه المخاوف مقلوبة تمامًا ولا تستند إلى منطق رصين، لأن الإجراءات المذكورة تعزّز السيادة الوطنية للدول العربية والإسلامية، وتنعش التبادل التجاري بينها وبين الدول الصديقة، وبنفس الوقت تسبّب ضرَرًا بالغًا في اقتصاديات دول محور الشر المُعادية ومَن يواليها مباشرة. ولطالما استخدمت أمريكا وبريطانيا العقوبات الاقتصادية الصارمة ضد الشعوب كأداة إرهابية صريحة لتغيير أنظمة الحكم وفرض العقائد الغربية الصهيونية عليها. أما إسرائيل فإنها تستخدم الحصار الصارم على الفلسطينيين في قِطَاع غَزَّةَ وإلى حدٍ ما في الضفة الغربية كجزء إجرامي رئيس من حملات الإبادة البشرية والعِرقية المنتظَمة. لذلك، فإن الإجراءات الواردة في هذه المبادرة الإنسانية تبعث رسائل واضحة جدًّا بأن الدول العربية والإسلامية قادرة على معاقبة دول محور الشر، أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، وقادرة على قلب المنضدة على رؤوسها كما ينبغي.
ربّما يعترض علينا بعض المثقفين والحكماء وأرباب السياسة بأن الأفكار المذكورة أعلاه مجرد أحلام خيالية ولا يمكن تطبيقها بدعوى أنّ الزعماء يتجنّبون صداع الرأس لأيّ سبب كان. ونحن نقول ببساطة، لماذا لا تتواضعون وتتركون بروجكم العاجية في “شانغ ريلا” وتشاركوننا بالحلم الجميل من أجل قضية إنسانية راقية ونبيلة وهي حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم وإنهاء المأساة بالطرق السلمية العادلة؟ ولماذا لا تضعون أنفسكم مكان الفلسطينيين وتحاولون فعل شيءٍ مفيد؟ أما آنَ لهذا الشعب الفلسطيني الجريح المظلوم أن يستريح بعد 108 سنين من مجازر الإبادة البشرية الجماعية والتهجير المُمَنهج والسلب والاستيلاء على الأملاك وغيرها من الجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال الإرهابي العنصري الصهيوني الإسرائيلي العِبري اليهودي؟ بل نقول لكم أكثر من ذلك، لماذا لا تقتدون بالصهاينة من حيث إخلاصهم وتفانيهم بخدمة عقيدتهم العنصرية الإرهابية، سواءً كانوا في الكنيست الإسرائيلي، القصر الأبيض الأمريكي، الكونغرس، أو في مؤسسة هوليوود؟
ولنا قناعة تامة أنّ هذا المشروع العربي والإسلامي والحكومي والشعبي لتحرير فلسطين المحتلّة، عندما يدخل حيّز التنفيذ، فإنّه سيفتح آفاقًا واسعة جدًّا لتأسيس نظام عالمي جديد وعادل يخلو من الطغيان الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي والنفوذ المدمِّر للإنسانية الذي تمارسه المنظمات الصهيونية العنصرية الإرهابية في العالم.
خِتامًا، نرجو أن تتذكّروا دائمًا أنه بين الطموح المشروع، الذي نسمّيه الحلم الواقعي، وبين الحقيقة قيد التنفيذ يُوجَد خيط رفيع اِسمُه الإرادة الحُرّة المستقلّة، وهذا ما يَلزَم لِكُلِّ إنسان حُرّ على وجه الأرض. وتحريرُ فلسطين آتٍ لا محالة، إن شاء الله، وبفضل جهودكم!
تأليف الدكتور علي جاسم العبادي
التاريخ: الجمعة، 25 نيسان/أبريل 2025
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى هيئة التحرير الموقّرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو تفضلكم بنشر المبادرة الشعبية المرفقة طيًّا على صفحات موقعكم الكريم، وهي بعنوان (رسالة صريحة إلى مؤتمر القمة لجامعة الدول العربية في بغداد يوم 17 أيار/مايو 2025: ماذا عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحرير فلسطين؟).
تقبّلوا مِنّي فائق الاِحترام والتقدير والمحبة مع الشكر الجزيل.
الدكتور علي جاسم العبادي