حقائق مُزعِجة وراء الحروب الإسرائيلية لإبادة الشعب الفلسطيني
الدكتور علي جاسم العبادي
ملاحظة
أُهدِي هذه المقالات إلى الدماء الزكية والأرواح الطاهرة للشهداء الفلسطينيين، الذين أزهقتهم أيادي الإرهابيين الصهاينة من يهود أوروبا وأمريكا، منذ “وعد بلفور” البريطاني المشؤوم (سنة 1917) وحتى يومنا هذا.
قادة الدول الغربية المسيحية يساندون الحروب الإسرائيلية لإبادة الشعب الفلسطيني
ما كاد مجرم الحرب وقاتل الأطفال، الإرهابي المحترِف الإسرائيلي “بنيامين نَتِن ياهو”، يُعلِن بداية الحملة العسكرية العدوانية الجديدة لإبادة الشعب الفلسطيني في قِطَاع غَزَّة، يوم السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حتى سارع قادة الدول الغربية بزعامة الإمبراطورية المسيحية الأمريكية إلى إدانة “منظمة حماس الإرهابية”، واصفين المواجهة بأنها “عدوان حماس ضد إسرائيل”. وأوّل عبارة خرجَتْ من أفواههم أنّه “مِن حقِّ إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد إرهاب حماس”. وهكذا بجملة واحدة شطبوا كلمة فلسطين والشعب الفلسطيني من الوجود، وجعلوا “حماس” الجزّار و “إسرائيل” الضحية، وتعمّدوا شيطنة الإنسان الفلسطيني وتجريده من إنسانيته وهويته وحقوقه الطبيعية في أرضه، وتبجّحوا بدعمهم المطلق للكيان العنصري الإسرائيلي دون قيدٍ أو شرط. ومِن بين الذين أظهروا تطرُّفًا وحماسًا منقطع النظير لتأييد الإرهاب الإسرائيلي والدولة العنصرية، وأصبحوا شركاء إسرائيل في جرائم الحرب وجرائم ضد البشرية، هم، مجرم الحرب وقاتل الأطفال “جوزيف بايدن” رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وأتباعه؛ “جَستِن ترودو” رئيس وزراء كندا، “ريشي سوناك” رئيس وزراء بريطانيا، “إيمانويل ماكرون” رئيس وزراء فرنسا، “أولاف شولتس” مستشار ألمانيا، “جيورجيا ميلوني” رئيسة وزراء إيطاليا، “أنتوني ألبانيز” رئيس وزراء أستراليا، والمهرّج الأحمق اليهودي “فولوديمير زيلينسكي” رئيس أوكرانيا. وعندما يقول القادة الغربيون “إنّ مِن حقِّ إسرائيل الدفاع عن نفسها” فهو غطاء دولي تام وترخيص علني للقيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية بِشَنِّ ومواصلة حملات الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بلا هوادة وتدمير ما تبقّى من البُنَى التحتية المتهالكة في الأراضي الفلسطينية. وعند نشر هذا المقال سيكون عدد الشهداء في قِطَاع غَزَّة فقط تجاوز (8,000) شهيد، منهم (3,500) طفل، و (2,000) سيدة، والجرحى أكثر من (20,000) جريح، وإن (70%) من الشهداء هم من الأطفال والسيدات والمُسنِّين (المصدر 1). وبالنسبة للإرهابي وقاتل الأطفال، “نَتِن ياهو” وشركائه من قادة الغرب المسيحي، فإنّ ضحايا هذه الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية هي مجرد “خسائر عرضية” و “حماس” هي المسؤولة عنهم.
ولكن، لماذا ينساق زعماء الغرب وراء الإرادة الصهيونية الإسرائيلية؟
يتمتع القادة الغربيون في مجالات السياسة والدين والإعلام، وعلى وجه الخصوص في أوروبا وأمريكا الشمالية، بِسِتِّ صِفاتٍ مُشِينة هي:
أوّلًا: الجهل التام بالتاريخ الحديث والمعاصر للعرب والمسلمين عمومًا والفلسطينيين خصوصًا. ورغم إدراكهم أهمية ما يسمّونه “الصراع في الشرق الأوسط” فإنّ أُمِّيّتَهُم الثقافية تثير الضحك والبكاء في آنٍ واحدٍ، لأنهم عمليًا يهيمنون على العالم بقواتهم العسكرية الغاشمة وٱقتصاداتهم الضخمة.
ثانيًا: الخضوع التام للثقافة والإعلام الصهيوني السائد في بلدانهم والذي يُغذِّيهم بالمعلومات المزيَّفة والكاذبة والمضلِّلة. وفي الواقع، تحتكر المؤسسات الإعلامية والثقافية الكبرى كافة المعلومات وتعتبر نفسها المصدر الوحيد الموثوق.
ثالثًا: بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، أَحكمَت المنظمات الصهيونية سيطرتها الكاملة على مراكز التشريع والسياسة والٱِقتصاد والإعلام والفنون في الدول الغربية القوية، إلى درجة أن المُرشَّحين في أية ٱِنتخابات عامة أو محلية، إذا أرادوا ضمان الفوز يجب أن يعلنوا ولاءهم التام للكيان العنصري الإسرائيلي وتعهُّدهم بمنح المساعدات العسكرية والأمنية والمالية السخية.
رابعًا: الشعور بالرعب الحقيقي من سطوة المؤسسات الصهيونية المنتشرة في مفاصل الدولة والمجتمع، والتي تتخذ عناوين كثيرة بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية والمساواة ومكافحة “معاداة السامية”. فالنفوذ الصهيوني المسيحي واليهودي الغربي ليس خرافة ولا نظرية مؤامرة، وإنما هو حقيقة بارزة في تركيب الأحزاب والنوّاب المُشرِّعين والتبرعّات والٱِنتخابات. وسواءً كان الحزب محسوبًا على اليمين أو اليسار أو الوسط، وحتى لو كان رئيس الحزب ومجلس الإدارة ليس من الصهاينة، فإنه يَحسَب لهم ألف حساب قبل أن ينطق بكلمة واحدة قد تُغضِب المؤسسات الصهيونية المسيحية واليهودية. وٱستطاعت المؤسسات الصهيونية التأثير على مجالس النوّاب في الدول الغربية لإصدار قوانين صارمة تبدو ظاهريًا كأنها إنسانية ولكنها بالواقع مفصّلة على مقاسهم تمامًا. وهذه القوانين تمنع وتعاقب كل من يمارس ٱِنتقاد سياسة الإبادة البشرية والتمييز العنصري الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، لأنها تصنّفه ضمن خطاب الكراهية والتحريض على العنف ومعاداة السامية وإنكار المحرقة النازية. حتى أن حكومات بريطانيا وألمانيا والنمسا وسويسرا وفرنسا وهولندا منعت مظاهرات الٱِحتجاج على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قِطَاع غَزَّة وٱعتدت على المتظاهرين المسالمين بالضرب والغاز والٱِعتقال والسجن، بينما سمحت بالمظاهرات المؤيدة للكيان العنصري ورفع الأعلام الإسرائيلية (المصدر 2).
خامسًا: بالإضافة لِما تَقَدَّم، فإنّ كثيرًا من الغربيين ما زالوا يعانون من “عقدة الذنب الفردي والجماعي” التي غرسها الإعلام الصهيوني الغربي بمهارة فائقة بعد الحرب العالمية الثانية. إذ أن هذا الإعلام يعتبر الغربيين اليوم “مُذْنِبين بالتبعية والنسب” وعليهم “التكفير” عن ذنوب آبائهم وأجدادهم أثناء الحكم النازي والفاشي في أربعينات القرن العشرين الميلادي. ولا يمرّ أسبوع دون أن نرى تقارير تلفزيونية مفصلة في القنوات الغربية عن شخص له علاقة بصديق شخص لأقرباء شخص آخر وصولًا إلى “المحرقة النازيّة”. وهذه التقارير مفعمة بالعواطف الإنسانية والدموع والذكريات من ناحية، وتعزيز الصورة النمطية بأن “اليهودي الأوروبي ضحية تاريخية” وأن “دولة إسرائيل” اليوم هي الممثلة لمصالح “الشعب اليهودي المظلوم”.
سادسًا: مارستْ وتُمارس المؤسسات الصهيونية بنجاح مذهل كافة وسائل الإخصاء الفكري والإرهاب النفسي والإعلامي المنهجي المنظَّم لمعظم المثقفين والعلماء وقادة السياسة والدين في المجتمعات الغربية. وٱستطاعت بالفعل تحطيم المفكرين ذوي الآراء الحرة المخالفة للسياسة العنصرية الصهيونية، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًّا في كل دولة غربية. لِذلك، لا يجرؤ اليوم أيّ إنسان حرّ في البلدان الغربية على ٱِنتقاد السياسة الإرهابية العنصرية الدموية التي يمارسها الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، بعدما شهدوا بأنفسهم العقاب المادي والسياسي والٱِجتماعي الشديد الذي يؤدّي في النتيجة إلى تحطيم الشخص تمامًا.
أي أن نظرات ومواقف الغربيين أحادية الجانب ومنحازة تمامًا لصالح الكيان العنصري الصهيوني ولكل شخص يقول بأنه “إسرائيلي” أو “يهودي”، ومن لا يفعل ذلك يتهمونه بمعاداة “السامية”. وبوعيٍ أو بدونه، أصبحت النظرة الغربية الرسمية معادية للعرب والمسلمين ولعموم البشر والقيم الإنسانية ولكل مَن يختلف عنهم بالقومية والديانة ولون البشرة والثقافة.
ومع ذلك، تمكَّنت المؤسسات الصهيونية من إقناع الزعماء الغربيين بالٱِعتقاد الوهمي بأنهم “قادة العالم الحر”، وأن لديهم أرقى وأفضل الأنظمة السياسية الحرة الديمقراطية في العالم كله، وأن من واجبهم وحقهم أن يضعوا المقاييس للعالم؛ وغيرها من العقائد المستندة إلى خرافة تفوق العنصر القوقازي المسيحي واليهودي الغربي على باقي البشر.
وحتى عندما يتصاعد عدد الضحايا الفلسطينيين المدنيين وتظهر الصور الحية أمام العالم فإن قادة الدول الغربية لا يخفون ٱِنحيازهم ونفاقهم السياسي والأخلاقي عندما يَدْعُون الضحايا الفلسطينيين والمجرمين الإسرائيليين إلى “ضبط النفس”، بل ويوجِّهون اللوم إلى الفلسطينيين لأنهم “بدأوا الحرب والعدوان ضد الإسرائيليين المسالمين”. وعلى مدى (106) سنين نجح الإعلام الصهيوني الغربي نجاحًا باهرًا بدمج العقيدة العنصرية الآريّة والقوقازية الأوروبية مع العقيدة المسيحية الصهيونية المتطرفة بحيث أصبحوا يَصِفون الثقافة الأوروبية والغربية عمومًا بأنها “ثقافة متفوِّقة مسيحية ويهودية وقوقازية” فقط. وٱنسجامًا مع هذه الصفات المُخزِيَة، يَصِفُ القادة الغربيون المظاهرات السلمية المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني في بلدانهم بأنها “مثيرة للحقد والكراهية ضد إسرائيل” وأنها “معادية للسامية”، ولا يشيرون إطلاقًا إلى الضحايا المدنيين الفلسطينيين الآن أو في الماضي القريب
“جوزيف بايدن” وأتباعه يرفضون أية هدنة أو ممرّ آمن للمساعدات الإنسانية إلى قِطَاع غَزَّة
ومع وصول مجرم الحرب المحترف وقاتل الأطفال، الرئيس الأمريكي “جوزيف بايدن”، يوم الأربعاء 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى الكيان العنصري الإسرائيلي وهو يشنّ حربًا دموية شرسة على الأبرياء الفلسطينيين في قِطَاع غَزَّة، ويعلن صراحة أمام صديقه العزيز الإرهابي “نَتِن ياهو” بأنه يقف إلى جانب الإرهاب الإسرائيلي في حربه ضد الشعب الفلسطيني، فإنّه يدفع الإسرائيليين نحو المزيد من إبادة الفلسطينيين وتدمير العمارات السكنية والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والطرقات ومحطات الكهرباء والماء والهاتف والإنترنت. بل ذهب “بايدن” إلى أبعد من ذلك على عَجَل وبدون معلومات موثوقة، حيث ٱِتَّهم الفلسطينيين بأنهم المسؤولون عن قصف إحدى المستشفيات بصاروخ وقتل حوالي (500) شهيد فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ المرضى، وذلك يوم الثلاثاء 17 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وهذا أحدث موقف يُثبِت فيه “بايدن” مدى الهمجية والأحقاد والضغائن العميقة في نفسه المريضة ضد عموم العرب والمسلمين من ناحية، والولاء المطلَق للصهيونية العنصرية من ناحية ثانية. وما يزال الجسر الجوي الأمريكي مفتوحًا لنقل الأسلحة والأعتدة الفتاكة إلى العصابات الإرهابية الحاكمة في “تل أبيب” لإبادة المزيد من الشعب الفلسطيني.
تأليف: الدكتور علي جاسم العبادي
الأحد 29 تشرين الأول/أكتوبر 2023
المصادر:
1 ـ منذ الليلة الماضية: الاحتلال ارتكب 53 مجزرة في قطاع غزة راح ضحيتها 377 شهيدا غالبيتهم من النازحين
تاريخ النشر: 28/10/2023
وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا
https://wafa.ps/Pages/Details/82943
2 ـ دول أوروبية تضيّق على المتضامنين مع فلسطين وتسمح بتأييد إسرائيل
17/10/2023
المصدر: وكالة الأناضول