قصائد من الغربة
دقّات قلب
لنبض دمائهِ قلبي استجابا ….. مُحبّاً ما سلا يوماً وتابا
هو الولهان بالغُرِّ العوالي ….. فلم يهجرْ وما طلبَ الثوابا
عميداً عاشَ مشبوبَ المعاني ….. صَبيّاً رغمَ شيبي ما تَصابى
إذا خالفتُهُ تنبو دماهُ ….. على الأضلاع يغرزُها حرابا
فأرْجِعُ مثلَهُ مجنونَ عشقٍ ….. بهِ أطوي حزوناً أو شِعابا
إذا عابوا الجنون على مُحِبٍّ ….. جنوني بالمبادئِ لن يُعابا
وأشدو يعتلي صوتي الصعابا ….. نياطُ القلب أجعلُها ربابا
إذا ما هزّني شوقي أغنّي ….. بلا عَتَبٍ على أهلي العَتابى
أما تدري قضيتُ سنينُ عمريْ ….. أناجزُها حضوراً لا غيابا
بحرفٍ من لغاتِ الأرضِ جمْعاً ….. هوَ الأبهى وأبلغُها خطابا
لصيقٌ بيْ يسيرُ معي كظلّي ….. ويتبعني رواحاً أو إيابا
…………………
جراحيْ يا حروفي هادراتٌ ….. كعاتي الموج أو أعلى اصطخابا
يُغيظُ قصائدي قُبْحُ الأعادي ….. وقد ملأوا مدى الدنيا كِذابا
طغاة العصر كم عادوا وعادوا ….. وهمْ يبغونَ يا وطني الخرابا
وما يدرون أنّا من دمانا ….. حروف الصبر صغْناها كتابا
بعرس الأرض من وَجْدٍ جعلْنا ….. دمانا في أناملِها خضابا
نُحِبُّ مياهَها كَدَراً وطينا ً….. وكوثر غيرها يغدو سرابا
ونهواها زروعاً ناضراتٍ ….. ونعشقها إذا صارت يبابا
هيَ الأمّ التي تحنو علينا ….. سنفديها شيوخاً أو شبابا
فإنْ نُصْلبْ فداها لا نُبالي ….. على الآلام قد عشنا صِلابا
ونَبسَمُ حين تدعونا المنايا ….. وتلقانا العِدى دوماً غضابا
يقول الفارس المغوار منّا ….. تراث المجد يهديني الصوابا
إذا خلعوا أهابيَ بالشظايا ….. جعلتُ منَ الشهادةِ ليْ إهابا
1 ـ الملح يزحف
الدمع مالح يقرّح الجفون
الجفون ظمأى أرهقها الملح
أمواجٌ من الملح تزحف
هو ليس ملح الطعام
بل ملح الألم
الملح ينمو وينمو
والخضراء سيأكلها الملح
2 ـ لوحة
قمرٌ
يُحيطُ به السحابُ
مُطَوِّقاً أطرافَهُ
والثلجُ وشّحَ أوّلَهْ
عجزَ المُحِبُّ مُعدِّداً أوصافَهُ
أطرافَهُ أعطافَهُ
في قلبهِ نارٌ
تَسَعّرُ باللظى
في خَدّهِ لَهَبٌ
كما جمْر الغَضا
في طرفهِ
غَضبٌ يداعبهُ الرضا
يا سعدَهُ
يا ويلنا
فكأنّهُ جمع النقائضَ كلَّها
في لوحةٍ
في العين يا ما أجملَهْ
3 ـ المسخ
كان هناك هرمٌ ينتصب في البرّيّة
عصافير وحمائم وغربان
كانت تمرح فوق العشب
المجاور للمكان
فجأة
حدث زلزال
إنقلب الهرم رأساًعلى عقب
انتثرت الأحجار الكبيرة
فقتلت العصافير والحمائم والغربان
أسرع الثعلب الى المكان
أراد أن يزيل الغبار ليأكل الجثث
صنع من الريش المتناثر مكنسة
وأخذ يكنس والغبار يتناثر فوقه
يكنس والغبار ….يكنس والغبار…
حتى غطّى جسمه كله
وبدأيتنفس غبارا
وياكل جثثا مغطاة بالغبار
فلما أتخم مسخ من كناس الى
مزبلة.
4 ـ سيدي يا حسين
قد سرى القوم والمنايا الحِداءُ
أقبلتْ نحوهمْ فكان اللقاءُ
أعْتَمَ الليل والسيوف ظوامي
لنهارٍ تسيل فيه الدماءُ
طلعَ الصبح والوجوه شموسٌ
ووجوهٌ بعارها غبراءُ
فجرى للدماء نهرٌ شريفٌ
قاعُهُ المجد والذرى الكبرياءُ
أيُّها النحْرُ ليس مثلَكَ نهرٌ
في جنانٍ ووردةٌ حمراءُ
فتحَ الرملُ للندى ثَغْرَ صَبٍّ
فتندّتْ من طيبها الأشلاءُ
شهقتْ للسماء منها نجومٌ
من رحيقٍ وشبّت الأضواءُ
أوقَدَتْ في العُلى قناديلَ زهْوٍ
حين شبّتْ وعانقتها السماءُ
فعيونٌ إلى الشروق ظوامي
وعيونٌ من عتمةٍ رمداءُ
ووجوهٌ صبيحةٌ بالمبادي
ووجوهٌ بشَرِّها شوهاءُ
……..
سيّدي أيّها الشهيد سلاماً
كلُّنا ننحني فأنتَ العلاءُ
قلتَ للناس كلهم قول حقٍّ
من وليٍّ آباؤهُ أولياءُ
إنَّ مثليْ لا لن يبايعَ وَغْداً
من مُجُونٍ قد أرضعتْهُ الإماءُ
لا أبالي بمصرعي فحياتيْ
بمماتي قد بشّرَ الانبياءُ
وخلودي بمنهجي وثباتيْ
إنَّ نهجيْ هوَ التُقى والإباءُ
وعلى نهجكَ الصِحابُ تناخَوا
وتبارى نحوَ الفدا الأوفياءُ
ومضوا للعُلى قناديلَ نورٍ
عافت الأرض فاحتوتْها السماءُ
وغدتْ بيرقاً على كلِّ أُفقٍ
بَدْرَ تَمٍّ يشعُّ منه الضياءُ
مَعْلَماً للخلود نبراسَ نورٍ
للمباديْ لم تُخْفِهِ الظلماءُ
سيدي يا حسين عشتَ شهيداً
قد توالى بنهجهِ الشهداءُ
بأبيْ رأسكَ الذبيح على الرمحِ
تَبارى بحملهِ الأشقياءُ
بأبي جسمك الطريح على الأرضِ
تبارى لحملهِ الأنقياءُ
ناحت الأرضُ كلُّها وا حسينا
حين ناحتْ في الروضةِ الزهراءُ
أنتَ ما كنتَ رايةً لفريقٍ
أنت للمؤمنين جمعاً لواءُ
وحدةُ الناس حول نهجك صارتْ
بيرقَ الرفض لو أتى دخلاءُ
يا أبي يا حسين طِبْتَ شهيداً
عَطِشاً والشفاه منكَ ظِماءُ
يومَها الأرضُ في ذهولٍ أقامتْ
ثمَّ دارتْ وقطْبُها كربلاءُ