<h1 style="text-align: center;"><strong>ثرثرةٌ في بغداد</strong></h1> <h4><strong>د. عدنان الظاهر</strong></h4> ثرثارٌ ثرُّ <h4>ثرثرةٌ لا طائلَ منها أو فيها</h4> <h4>في مشفى صالةِ تجميلِ الموتى قبلَ الدفنِ</h4> <h4>أو في قاعاتٍ أخرى لا حصرَ لها لا عدُّ</h4> <h4>نرجيلةُ ثرثرةٍ لا تحسمُ أمرا</h4> <h4>لا فوقَ النيلِ ولا في غيرِ النيلِ</h4> <h4>تسألُ هل من حلِّ ؟</h4> <h4>هل مَنْ يوقفُ نزفَ النهرينِ</h4> <h4>أو يكشفُ سرّا ؟</h4> <h4>ثرثرةٌ تتجاوزُ مألوفَ المعيارِ</h4> <h4>يزفرُها صدرٌ معطوبٌ مخدوشٌ مِهذارُ</h4> <h4>شَجَناً تعزفهُ آلاتُ نِحاسٍ وأنابيبُ هواءٍ مدفوعِ</h4> <h4> صَخَباً في بحّةِ جرحِ الأبواقِ</h4> <h4>إغلقْ هذا التختَ الشرقيَّ وهذا المقهى أيّاً ما كانا</h4> <h4>العزفُ عروقٌ ناتئةٌ تدمى</h4> <h4>يختلطٌ العازفُ بالنازفِ والجوقُ نشازُ</h4> <h4>حتّى طلعةِ نجمِ الفجرِ.</h4> <h4>يا هذا</h4> <h4>أضحى قلبُكَ طبلاً أجوفَ مخروقا</h4> <h4>يمضغُ سُمَّ الأفعى تِبْغاً تخديرا</h4> <h4>يلعبُ حَبْلا</h4> <h4>سقطتْ فيهِ أسنانُ المشطِ جميعا</h4> <h4>سقطَ المشطُ وكسّرها سِنّاً سِنّا</h4> <h4>لا ترفعْ صوتا</h4> <h4>إحملْ جازاً أو عُكّازاً واهجرْ سقفاً في دارٍ</h4> <h4>الكونُ الدائرُ لا يعرفُ أرضا</h4> <h4>يمخرُ أمواهَ بحارِ سمواتٍ عليا</h4> <h4>ينفخُ أبواقَ الصدرِ المفتوحِ زعيقا</h4> <h4>يقتلني صَبْراً ـ شَنْقا</h4> <h4>كي لا أعبرَ جسرا</h4> <h4>للشامِ وبغدادَ وميدانِ التحريرِ وأبوابِ القدسِ</h4> <h4> والزابُ الأعلى قتلى قتلى قتلى</h4> <h4>في مخمورَ وفي " طُزخُرْماتو " .</h4> <h4>وجّهتُ رسالةَ شكوى</h4> <h4>أدعو فيها مَنْ أدعو</h4> <h4>أكشفُ مّا أُخفي في صدري</h4> <h4>أعبرُ قاراتِ الدنيا مخفيّاً زحْفا</h4> <h4>أركبُ موجاتِ البحرِ المنذورِ لصبري</h4> <h4>ماءُ البحرِ شرابي</h4> <h4>ملحاً منقوعاً مصهورا</h4> <h4>الموجُ الكالحُ يجرفني ظهراً بطنا</h4> <h4>يتركني مخلوبَ اللُبِّ كسيرَ الخاطرِ والظهرِ</h4> <h4>هيّا قوموا</h4> <h4>قوموا صلّوا صلواتِ الغائبِ عن جثمانِ الأمِّ</h4> <h4>نَذرتْ جوهرها قُربانَ خلاصي من موتٍ غَرَقاً في بحرِ</h4> <h4>ـ ها قد قُتلتْ في بابلَ قبلي ـ</h4> <h4>كانت تبكي وَطناً يسفحُ دمعاً</h4> <h4>يترقرقُ كالزئبقِ في أحداقِ مرايا العينِ</h4> <h4>وتُقيمُ صلاةَ الفجرِ على صخرةِ شاهدِ قبْرِ</h4> <h4>تتعلّقُ بالأستارِ الخُضرِ نذورا ..</h4> <h4>ليتَكَ ما كُنتَ وما كانوا</h4> <h4>لم تسمعْ صوتاً أو لَغْطاً يضربُ مقفولَ الأبوابِ</h4> <h4>حيثُ الصمتُ جُسورُ</h4> <h4>والرايةُ لا تعبرُ جِسراً إلاّ غَصْبا</h4> <h4>حاولْ أنْ تعبرَ جسراً حُرّاً أو قَهْرا</h4> <h4>قفلُ الجسرِ من البابِ الخلفي</h4> <h4>لا يُفتَحُ إلاّ سِرَا</h4> <h4>أُعبْرْ أُعبْرْ أو خففْ</h4> <h4>من سرعةِ مُنزَلقِ الدمعةِ في أحداقِ النهرِ</h4> <h4>لا تأمنْ تُجّارَ وحكّامَ الأسواقِ السوداءِ</h4> <h4>السوقُ الأسودُ مبغى !</h4> <h4>اللقيا مَحضُ رجاءٍ</h4> <h4>يتأرّجحُ بين الكرخِ وتمثالِ " رُصافيٍّ " يتهاوى ضَعفا</h4> <h4>إخلعْ ثوبيكَ وقاومْ حتّى آذانِ سقوطِ الفجرِ</h4> <h4>إيّاكَ وما قالَ الساقي في الباقي من كأسِ الخمرِ</h4> <h4>والحارسُ في أبوابِ قصورٍ خُضْرِ</h4> <h4>زمنٌ هذا ؟</h4> <h4>قَدَرٌ هذا ؟</h4> <h4>دُنيانا ليلٌ في شهرِ !</h4> <h4>شاءَ الوطنُ المثقوبُ المنهوبُ</h4> <h4>أمْ كفكفَ تحت الأجفانِ دموعا</h4> <h4>البحرُ سريرُ الموتى غَرْقى</h4> <h4>فلماذا تركوا أرضاً كانت وَطَناً وحِزاماً أمنيّا</h4> <h4> ما أنتَ ومّنْ مثلي في الأرضِ الأخرى ؟</h4> <h4>أُمٌّ تبكي تندبُ حظّا</h4> <h4>تسألُ تابوتا</h4> <h4>جسدٌ لا يتحركُ فيه</h4> <h4>لا يسمعُ للأمِّ الثكلى صوتا</h4> <h4>قوموا يا غرقى</h4> <h4>قوموا يا موتى !</h4> <h4>في الكفّةِ ميزانُ غموضِ الأشياءِ</h4> <h4>لا حاكمَ إلاّ محكومٌ مطلوبُ</h4> <h4>لا يسمعُ صفّاراتِ الإنذارِ</h4> <h4>تسحبهُ نارُ الجنِّ وتُرديهِ قتيلا</h4> <h4>لا عِظةٌ تنفعُ لا مفتاحٌ في بابٍ لا قنديلُ</h4> <h4>القصّةُ أقوى</h4> <h4>لا آخرَ يُنهيها .</h4> <h4>قوموا لاحَ الفجرُ</h4> <h4>شرقيّاً فضيّاً وضّاحا</h4> <h4>قوموا صلّوا تأميما</h4> <h4>الرملُ كثيرُ.</h4>