الى الكتاب والمؤلفين والشعراء..كفاية تجاهل للحقائق ..عودوا اليها..
فقد غلبنا الزمن…
د.عبد الجبار العبيدي
أعلموا يا رواد الكلمة ان الرسالة المحمدية ختمت عصر الاحادية ..وبدأت بعصر الاجتهادية التعددية..لكن الفقه الاسلامي اصبح اليوم وهماً وخارج التاريخ ..والعقل الجمعي اصبح منهكاً عند الفقهاء .. والتقوى التي ينادون بها لا اصل لها في الدين حسبما يتصورون ..علينا العودة لقراءة النص المقدس بامعان لتتحرى الحقيقة المغيبة فيه..فأن استمرينا في هذا الجمود الثلجي بسكوتنا عن الحق .. سيظنُ اهل الباطل المتمكنين من السلطة اليوم أنهم على حق.. لذا علينا حفظ التجربة ..فالامل بتجربتنا الوطنية هي اخر من يموت وان ارادوا ولا زالوا يعملون بجدٍ على موتها..لكنهم مادروا أنهم..هم الذين سيموتون..
ثقوا ايها المحترمون من اصحاب القلم..ان أزمتنا الحالية هي ازمة انسان فقد بنفسه الثقة بالله والكون واخذ يركض خلف الوَهَم ..فالاغلبية جهلاء والنخبة جبناء ..والابتعاد عن التضحيات لاتصنع دولة ..انما الوعي الفكري هو الذي يصنع الثورة والدولة معاً..فمهمة الحاكم الطاغية ان يجعلك فقيرا خائفا مترددا.. وفقيه الطاغية مهمته ان يجعل وعيك غائباً..الشعوب هي التي يجب ان تحرر نفسها بأيديها من المغتصب..ثوار تشرين 19 العراق ، هم الذين أدركوا الهدف..والحاكم المغتصب هو الذي ادرك انهم بأنتصارهم موته الأكيد ،. فأستمات على قتلهم …لكنه هو الذي قُتل..
ايها المواطن المظلوم في وطنك..انت الذي تحدد قيمة نفسك ومصلحة وطنك،فلا تتردد وتُصغر نفسك امام الطاغية الظالم حين ترى فخفخته ومركزيته الفارغة التي أكتسبها من ضعفك ..فلو كانت القيمة تقاس بالاوزان لكانت الصخور اغلى من الماس..هم بالثروة المفرطة المسروقة منك يريدون شرائك..لكن الثروة ابدا عبر الزمن ما استطاعت ان تشتري شرفاء الوطن ..
حاول ان لا تقبل الخطأ وان غلفَ باوراق الذهب الاصفر ..ارفضه وانقده بقوة فالنقد اساس التقدم والارتقاء ..ونقد الفقهاء ومشاريعهم الدينية المزركشة الباطلة اساس كل نقد من اجل الاصلاح..واذا أخطأت في شيىء فحاول ان تراجع اسبابه ففشل الحياة هو عدم الاعتراف بالفشل..كون لنفسك كريزما القيادة في الرد على الباطل ..فعقيدتك التي تدافع عنها تكمن في المبادىء والافكار التي تمتلكها بثقة العقيدة نفسها ..وليست بالتردد والهزيمة والعناد والتقليد..
عناصر متعددة تدمرحياة الانسان الواعي.. عليه ان يتجاوزها هي:
السياسة بلا مبادىء ..والمعرفة بلا قيم..والمتعة بلا ضمير.. والعلم بلا انسانية.. والثروة بلا عمل.. والقيادة بلا تضحية…والانسانية بلا صدق ..والقول بلا صراحة ..والكذب بلا سبب …والأمانة بلا خيانة ،فالخيانة قاتلة الاخلاق..فكن أميناً صادقا تنجومن الهلاك..لذا عليك ان تكون مؤمنا بما تعتقد..فاكتساب العلم من اصعب الاشياء لأنه شيء لا يعطيك شيء من بعضه الا اذا تعطيه من نفسك كلها..فأدي له كل اتعابك وفكرك لانك لا تملك اكثر مما تعطي..فالشر جامع لمساوىء العيوب..في مجتمع فاقد لأخلاق البشر..
العلم لا يعادله شيء ، والصدق قرين له ..قال عالم صادق : “اذا رأيت العالم يحب الاغنياء فهو صاحب دنيا بلا قيم..لان المال يغير المواقف والمبادىء عند الكثيرين من اصحاب اللاقيم..واذا رأيته يلزم السلطان من غير ضرورة فهو لص.. فكن من اهل العلم والحق ولا تنحاز لباطل ..فموت عالم احب الى ابليس من موت سبعين عابدا”..فليتذكر من قتل العلماء والمفكرين في عراق العز لسببٍ في مصلحة السلطان فهو ساهم بجريمة قتل الوطن فالتاريخ لا يغفر له أبداً.ان هدف الفقيه هو محاربة افراغ العقيدة عن محتواها..لذا هم يحاربون كل من يثبت ان النص الديني جاء دليله بحجة المنطق..وليس بهرطقة التخريف..
العلماء يعتقدون بسُنة التطور التاريخي..فلكل عصر علمائه الحقيقيون المبتكرون لكل جديد ، لان الزمن يلعب دورا في التغيير..بينما اصحاب الفكر الديني الجامد ..يعتقدون ان لا قيمة للحياة والتطور، لان حياتهم تتمثل في يوم القيامة وحور العين لتحقيق العدل والتقدم..تصور وهمي بلا دليل..لذا هم يعتقدون ان كل ما أنزل من السماء من مطر وانبت منه الشجر.. أو استخرج من الارض من معادن وذهب فهو مُلك سائب لهم دون عامة الناس ، لذا هم لايبالون في حقوق الاخرين ..فهم اصحاب الايمان بالمطلقية الذين يعتقدون بأن افكارهم هي خلاصة العلم ونهاية التجارب ..فهم اهل المعرفة والعرفان.. فتصور كيف يكون حال الوطن وهم يحكمون..اليوم..لا رجاء الا بزوالهم.
نقول للكتاب والمؤلفين والشعراء كفاية: كفاية الأنغماس في وحل التراث ..والمديح والثناء والتصور والتلاعب في الألفاظ فقد شبعنا من شعر المعلقات..نعم.. شبعنا منه وهماً..واصحابه أورثونا الخطأ حتى اصبحنا نحن والخطأ أقران .
في العصرين البويهي الفارسي والسلجوقي العثماني “334-547هج” اغتصب الفقهاء منا العقل وحولوه الى عواطف جياشة ..هكذا عمل الشيخ المفيد البويهي (431 هج ) في كتابه الارشاد الذي انتقد المعتزلة وافكار التقدم وشجع المذهبية المفرقة للصفوف …والماوردي السلجوقي ( 364هج) صاحب نظرية أهل الحل والعقد الموالين للسلطة بلا شروط . من هنا فالعاطفة كانت اقوى من العقل والتي ساهموا باحيائها ..كما يساهم اليوم اهل المحاصصة في الحكم العراقي الباطل في التفريق بين المواطنين بحجة المذهب والدين ، والدين للجميع لا يفرق بين احد..
ان الذين نجحوا في التغلب على القيم والدين الحق معاً ، وتذليلهما لرغباتهم هم الذين صنعوا ادوات التخريب والقتل او الهبوط بالانسان الى مستويات الاباحية كما
اليوم ، لنشر الفوضى الخلقية في ارقى المجتمعات ..لذا فالمجتمعات التي فقدت عنصري الزمن او التاريخ والعقل او التفكيرهم الذين فقدوا المعايير، وهذا بالضبط ما حصل في دول الاسلام عندما سيطرت العاطفة على العقل واصبح رجل الدين المتخلف يتحكم بالمعايير..حتى انتهى المجتمع العربي الاسلامي الى انغلاقية التفكير وبات يجري خلف اقوال خرافة اللا معايير..منتظرا الجنة والسرر المتقابلة وحور العين..تفكير ميت في زمن الاوهام واللا معايير ..
وهكذا انهزمنا هزيمة كاسرة مع عدوٍ ملازمٍ لنا كالغريم. فوصلت بنا الاحوال الى درجة من السوء تصبح معها مواصلة السير مستحيلة ..فوقعنا بعد التغييرالسياسي الرجيم عام 2003 فريسة حفنة من المتخلفين ..صدقناهم لكنهم كانوا كاذبين..بيدهم التغييرحتى اوصلونا الى كارثة المصير كما نرى اليوم.
ومهما كان الامر فأن بقاء الحال من المحال كما يقولون حتى لو وصلنا الى درجة لانستطيع معها الحركة ..وندخل ضمن ما يسميه العلماء بدور الحضارة الموقوفة ..لكن هؤلاء الاعداء الذين يحكمون اليوم في وطن العراقيين كرهاً ، كانوا وما زالوا جهلاء لا يعرفون حركة التاريخ في التغيير ..كما ذهب السابقون سيذهبون هم الى مصير مجهول..
هذا ما واجه العرب بعد ظهور الدين ونبيهم الأمين..الذي جاء لتحرير الانسان وخلق العدالة والمساواة بين الآدميين فخانوه… فتحول الوطن على ايديهم الى فُرقة وفساد و تدمير.
كفاية نحن نلهث من ورائهم لندرس التراث ونكتب فيه..ونقرأ قصائد الثناء والمديح ..خلاص ..نحن بحاجة الى التغيير لنكتب في العقل والتغيير،في الصدق والأمانة ،في الاستقامة والعدل وحقوق الآدميين ..كفاية في التاليف والكتابة وأطاريح الخُرافة ..والمراكز التراثية الميتة التي لن نحصل منها الا على زيادة التجهيل ..وهاهي الاطاريح الجامعية مكدسة على الرفوف يعلوها الغبار لم تنتج لنا حرفا واحدا في التبديل..ولم يكفيهم عبث التغيير حتى يريدون تحويل دراسة علم الفلسفة الى علم عقيدة..ولا ندري اي عقيدة يقصدون..العقيدة التي تجاوزوها من زمن .. ام عقيدة التخريف.
ما لم نفكر في شئون الكون والانسان على اساس الفكر غير المقيد والعقل المتطلع المتعطش الى المعرفة على اساس من البحث العلمي والتجربة التي هي اصل كل كشف صحيح .. لن نصل الى ما نريد ، وما وصلت اليه الشعوب اليوم من تقدم وتحرير.
أخي المواطن الكريم..
ان القيادات المخلصة ..والاهداف الواضحة ..والبناء السليم..هي اصل الاصلاح الكبير ….فالعقل يحكم أنه لا يجتمع على صدقٍ نقيضان ..
فلينتظروا من خانوا الوطن ..وقتلوا العلماء والمفكرين .. ان الله لا يحب المعتدين..فلينتظروا المصير ..