حــديث مـــــع البحـــــــــــر
جميــل حسين السـاعدي
يــا بحرُ خفّفْ مِـــــنْ هياجكَ واسمـــعِ
مِنّــي حديثــــــا ً لمْ يمُـــــرّ بمسمعِ
يــــا بحْرُ قالـــــوا أنَّ صــــدركَ واسع ٌ
فلذا أتيتُ وكـــلُّ أوجاعـــي معـــي
من غيــــــرِ أمتعــــــة ٍ قدمتُ إلــى هنا
عريان َ إلّا مِــــــنْ رداءِ توجّعـــي
صافحـتُ موجــكَ كالضحى بوضوحهِ
لمْ أُخْف ِ وجهــــــي عنكَ أو أتقنّـعِ
ضاقـــــتْ بيَ الدنيــا فما مَنْ مرفئ ٍ
يأوي جراحــــاتي ولا مِنْ موضعِ
أنـــــا مِنْ سنيــنٍ فارقتنــي واختفتْ
تلكَ التــــي ظهــــرتْ بدونِ توقّعِ
فــي صورةٍ شعّـتْ ضيــــاءً باهرا ً
أزرى بكـلّ مُنوّرٍ ومُشعشـــــــــعِ
حييّتهــــــا فتبسّمــتْ، كلّمتــــــــها
ردّت علـــــيّ برقّـــــة ٍ وترفّــــعِ
أنـا مَنْ صحبتكَ في حيـــاتك َ كلّها
مُذْ أنْ رضعـتَ حليبَ ثدْيِ المُرْضعِ
فأنـــا كأنفــاسِ الربيعِ طليقــــــةٌ
وجليّــــــةٌ كالشمسِ لمْ أتبرقــــــــــعِ
قدْ كنتُ ظلّكَ في ذهابكَ، فـي مجيـ
ـئك َ، أحتويــكَ إذا عثرتَ بأذرعـي
شاركتـــــكَ الأفـــراحَ والأحزانَ في
الدنيــــــــا ولمْ تشعــرْ بذاكَ ولمْ تــعِ
سافرتُ فــي كلّ البلادِ مُفتّشـــــــــا ً
عنـــــها بشـــوقِ المُستهــــامِ المُولعِ
وحثثتُ رغمَ وعورةِ الدربِ الخُطى
مُتنقلا َ بيــــــنَ الجهـــاتِ الأربــعِ
ولقـــــدْ تأمّلــــتُ النجـــومَ فلمْ أجـدْ
أثـــرا ً لهـــــا بينَ النجــــومِ اللُمّـعِ
ووصفتُهـــــا ورسمتُهـــــا في دقّـةٍ
للنـــــاسِ أسألهمْ بكــلِّ تضــــرّعِ
عنـــــها وفــي قلبي لهيــبٌ مُحْــرقٌ
حاولـتُ أطفئـــهُ بمــاءِالأدمــــــعِ
فلربّمــأ قــدْ تابعــوا أخبارهــــــــا
أو ابصــــروها مَرّة ً فــي مجمـعِ
لكنّهـــم نظــــروا إلــيّ بدهشــــةٍ
متعجّبيــنَ لقصّـــــة ٍ لـــمْ تُسْمــعِ
***
يا بحْــــرُ هذي قصّتــي سطّرتُها
بالدمْـعِ في صفحــاتِ قلبٍ مُوجَعِ
تتلاطمُ الأمواجُ فيكَ، وبي أنــــا
تتلاطـــــمُ الأشواقُ بيــنَ الأضلعِ
جرّبتُ كلّ وسيلــــــةٍ وطـــريقةٍ
من أجلِ نسيــــــانِ التــي لمْ ترجـــعِ
لكننـــي لمْ أستَطِعْ نسيــــــــانها
ووجـــــــدتُ مـــا جرّبتـــــهُ لمْ يَنْفَـعِ