ورود انتظرت من يُهديها !
احسان جواد كاظم
بقيت ورود 8 آذار يوم المرأة العالمي يتيمة في مزهرياتها تنتظر من يهديها لحبيبة, لأم او لأخت…
ولا من أحد سأل : ” عمي يا بياع الورد… كلي الورد بيش..”.
ولا من سمع مناجاة الأخطل الصغير بشارة الخوري ومعه الموسيقار محمد عبد الوهاب للورد : ” يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك… “؟
مرّ عيد المرأة العالمي دون احتفاء يليق به على المستوى الرسمي والشعبي, إلا من مجاميع العشاق والمتنورين والشيوعيين.
في حقيقة الأمر لا توجد عندنا تقاليد تقديم الورد في المناسبات, فرغم أن العراق بلد زراعي ( كان ), تنتشر في أنحاءه الازاهير والشجر والمياه الا أن استيطان الطبع البدوي بعد غزوة الحملات الايمانية, هوى بالذائقة العراقية إلى أدنى مستوياتها, جفف كل منابع الطراوة والرقة في النفس العراقية, لولا عناد شعراء العراق في صياغة أجمل صور الحب والجمال والرقة.
قد يقدم عاشق مغرم وردة ندية لحبيبته في ثمة لقاء, ولكن الأمر ينتهي عندما ينال مراده ويتزوجها, الا القليل !
العوالم المتحضرة تطبعت بعادة إهداء باقات الورود بالمناسبات المختلفة كالأعراس واعياد الميلاد وعند عيادة مريض أو حتى وضع إكليل من الزهر على قبر عزيز وإيقاد شمعة.
عندنا… يحاصرون, من الأساس, الاحتفال بهكذا مناسبة تذكّر نسائنا بأسباب اعتماد هذا اليوم كعيد عالمي, ودور قريناتهن من نسوة نيويورك العاملات واضرابهن البطولي ضد مستغليهن, وإعطائه القيمة… فهي اذاً مناسبة كفر.
ذكرتني المناسبة لحادثة, من الايام الخوالي, حدثت لصديق عاشق كان في موعد مع صديقته في حديقة الزوراء ببغداد, ولأنه طالب ومن عائلة كادحة, انتهز فرصة تأخر حبيبته ليقطع بعض الورود المترامية حوله, ليهديها لها. لسوء حظهما, كانت شرطة آداب سيء الذكر خير الله طلفاح خال الحزب والثورة وصدام حسين, بشدة واحدة, متربصة بهما.
بعد أن ساقوهما إلى الأمن العامة للاستجواب, ركزوا طبعاً على ظروف لقائها بشخص غريب ( حبيبها ), لكنهم انتبهوا إلى انها تضم باقة ورد مسروقة… لا وبمناسبة عيد المرأة الذي يحتفل به الشيوعيون… فتحول الاستجواب من منحاه الاجتماعي إلى السياسي.
السائد اليوم هو الفكر الظلامي الرجعي, فكر الدواعش, فكر خير الله طلفاح الذي يكره كل مظهر من مظاهر الجمال.. رقة الورد وشذاه. ولا يرى في المرأة سوى شيطاناً للإغواء.. جميل ولكن ملعون.
يتوق لها ويجاهد ليمتلكها وعندما يظفر باحداهن بلحظة متعة عابرة, فالف عفارم على غزوته المظفرة وفتوحاته الذكورية… فهي أولاً وأخيراً خلقت لذلك. تبقى عورة وناقصة عقل ودين, تتلاعب بها العواطف والنوازع المتناقضة التي جُبلت عليها. وهي مجرد ضلع رجل مكسور. يجب الحجر عليها, وتعويدها على الضرب وإعطائها العين الحمرا – عين التنين, لكي لا ترفع صوتها امام معيلها ومستتها والقوّام عليها. ومبطلة صلاة المؤمن لو مرت أمامه, حالها حال المبطلات الاخرى من الكلاب والحمير.
اضافة الى ما ظهر من داعيات تقيّات, عدوّات بنات جنسهن.. دعوَنَ إلى تعدد الزوجات واحتضان الضرائر, وجعلن من حجابهن رديفاً لغشاء البكارة, ودافعن عن قانون الاحوال الشخصية الجعفري رغم مصادرته للكثير من حقوقهن ككائنات بشرية مثل حضانة طفلها بعد الطلاق وحق الميراث بعد موت زوجها او أبيها… منهن من تواطأن في تقنين نكاح القاصرات… ونائبة برلمانية منهن نادت بمبدأ القتل الطائفي على أساس 7 × 7… وتوزيع الكعكة ( الوطن وثرواته ) بين المنتصرين.
ولا يدخلن الجنة الا معدودات !
لكل ما سبق أصبح الاحتفال بمناسبة تخلد كفاحات المرأة ضد الامتهان والاستغلال وتؤكد على قيمة العمل, رجسٌ من عمل الشيطان, وتقليد أعمى للغرب.
ربما هناك في العراق من يفضل استيراد منتوجاً آخر من هولندا, أكثر مردوداً من ورودها الملونة !!!