انجلت غمامة الانتخابات وظهرت النتائج بخسارة مدوية لأحزاب الإسلام السياسي وميليشياتها الموالية لإيران, والتي شكلت مفاجأة كبيرة لأطرافها والتي وصفها بعض المحللين بأنها صفعة شعبية مؤلمة.
أحزاب الإسلام السياسي التي كانت مطمئنة لفوزها قبل ليلة الانتخابات, لم تستطع هضم هول المفاجأة بنسبة التصويت المتدنية لها, في اليوم التالي, حيث لم تصوت لها حتى قواعدها ومن كانت تعول عليهم من أهالي شهداء الحشد الشعبي, فرفضت نتائج العملية الانتخابية ومخرجاتها وطالبت المفوضية العليا للانتخابات التي شكلتها على أساس التحاصص الطائفي – العرقي, وفرضت مدخلاتها مثل سن قانونها, على مقاسها, ووضعت أسس عملها, بإعادة العد يدوياً, بعد ان اتهمتها بالتزوير لصالح غريمها التيار الصدري الذي فاز ب ٧٣ مقعداً برلمانيا, واصبح مؤهلاً لتشكيل الحكومة القادمة. ورغم أنه تياراً إسلاميا شيعيا, له ما له وعليه ما عليه حسب التقييم الشعبي العام, فهو لا يُصنف ضمن الأحزاب الشيعية التابعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
كما أن ميليشيات أحزاب الاسلام السياسي هددت بما لا يحمد عقباه, إذا ما أبقت المفوضية العليا للأنتخابات على نتائج الاقتراع على حالها وطالبتها بتصحيح أرقامها, كما كان معمولاً به سابقاً, والا استخدام السلاح… ديمقراطية ولا أحلى منها !
الأطراف الخاسرة الأكثر ( تعقلاً ) طالبت بالالتزام بالقانون والتقدم بالاعتراضات إلى المحكمة الدستورية العليا على أن ” تراعي الوضع العام ” وهو بتعبير آخر, عدم الاعتراف بشرعية العملية الانتخابية ونتائجها برمتها, وهذا الموقف يتوافق مع التهديدات الميليشيات.
أحزاب الإسلام السياسي الشيعية التي هي محور أساسي في العملية السياسية التي تدعي التزوير لصالح تيار السيد مقتدى الصدر, لا ترى الأصوات العالية نسبياً التي أحرزتها دولة القانون التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الموالية للتوجهات الايرانية, والتي تدحض فرضية الاستهداف والتزوير المتعمد لأصواتهم.
ادعت هذه الأحزاب الخاسرة وجود مؤامرة من قبل قوى اقليمية وخصوصاً من دولة الإمارات العربية, تستهدفها بسبب وجود السيرفرات الخاصة بأجهزة الانتخابات فيها, رغم أن السيرفرات في الانتخابات العراقية السابقة أيضاً, التي فازت بها, كانت فيها, ولم يجر الاعتراض عليها حينها, لأن نتائج الانتخابات السابقة كانت لصالحها… وفي تصريح لخبير سيبراني, بأن ليس للسيرفرات علاقة بالتلاعب بالأصوات واعدادها وإنما التلاعب يمكن أن يحصل فقط في أجهزة التصويت الموجودة في المراكز الانتخابية. لذا فإن حجة وجود مؤامرة اماراتية تسقط, عملياً.
كانت خسارة هذه القوى قد بدأت عندما قامت دعايتها الانتخابية وفضائياتها المتعددة على تبرير فشلها التام والعام بدغدغة مشاعر المؤمنين البسطاء وايهامهم, كما في المرات السابقة, بالادعاء بوجود مؤامرة صهيونية باشتراك الشيطان الأكبر, أمريكا, لم يسمح لهم بتعمير مناطق وسط وجنوب البلاد, ولا حتى بتبليط شوارعهم بالأسفلت, لكونهم من أتباع علي بن ابي طالب, ينتهجون نهج ابنه الحسين, غير أن المواطن البسيط لم يعد مغيب الوعي والفكر, بل بدأ يتساءل : لماذا لم تمنعهم الصهيونية والشيطان الرجيم أمريكا من الإثراء الفاحش وتصدر واجهة الحكم , وهم المنادين بسقوطها ؟!
ثم أين ذهبت الأموال المخصصة لبناء وتعمير مناطقهم, التي منعت تقدمها هذه القوى الشريرة ؟ هل عادت إلى خزينة الدولة أم أخذت طريقها إلى جيوب قادة مافيات الفساد واحزابها وميليشياتها ؟
تقوم هذه الأحزاب الخاسرة بالانتخابات, بتسيير مسيرات وقطع الطرق وتوتير الأوضاع ومنع المواطنين من التنقل الحر وتعطيل مصالحهم, بحرق الإطارات من أجل كراسي برلمانية, بينما كانوا ينتقدون بعض ثوار انتفاضة تشرين الذين أجبروا على هذا الفعل لمنع تقدم قوى القمع الميليشياوية التي أوغلت في استهدافهم وقنصهم وبعد تسامي شهداء لهم.
ليس مستغرباً أن نشهد تحولاً ايرانياً في التعامل, براغماتياً, مع مخرجات العملية الانتخابية ونتائجها, خصوصاً بعد الرفض الشعبي لأدواتها في العراق, بالتوجه نحو تيار مقتدى الصدر الفائز الانتخابي الشيعي ووضع الخاسر الانتخابي الآخر على الرف, لحين الحاجة اليه, او تركه للتلاشي.