لنغير الأساس ثم نعترض على البناء
إيلاف العامري
من أين يسن المشرع مواد قانون العقوبات؟
حسب مبدأ الشرعية¹ فان احدى النتائج التي تترتب على وجود هذا المبدأ هي حصر مصادر التجريم والعقاب في النصوص التشريعية²، وأيضاً من النقاط التي تعطي هذا المبدأ أهمية كبيرة في حماية المصالح العامة، أن القيم والمصالح التي يحميها قانون العقوبات لا يمكن تحديدها الا بواسطة ممثلي الشعب -لان ممثلي الشعب يعرفون ما هي القيم التي يسير عليها المجتمع- وعلى هذا النحو يعرف المواطنون سلفاً القيم والمصالح التي ينبني عليها المجمتع والتي يحميها قانون العقوبات³.
وحسب هذا المفهوم جاء بيان مجلس القضاء الأعلى كالآتي:
وكانت الأمانة \العامة لمجلس الوزراء العراقي (دائرة تمكين المرأة العراقية) طلبت بكتابها ذي العدد (ت.م.ع/3/38371) في (1 تشرين الثاني 2018) بيان رأي مجلس القضاء الأعلى العراقي بخصوص إلغاء المادة (398) من قانون العقوبات.
لكن مجلس القضاء الأعلى العراقي رأى أن “المشرع العراقي…. كما ان حالة زواج الجاني من المجني عليها تمثل معالجة لهذا الموضوع خصوصاً أن العادات والتقاليد وواقع المجتمع العراقي ينظر إلى المرأة (الضحية) نظرة ريبة حتى وإن كانت ضحية.
وأضاف المجلس أن “ذلك الاجراء (زواج الجاني من المجني عليها) كان لاعتبارات اجتماعية ولما للأعراف والتقاليد من وطأة على المجتمعات العربية⁴.
وكلام المجلس هنا صحيح المشرع لا يستطيع التغيير دام العادات والتقاليد لم تتغير لان؛ يد المشرع تتحرك كلمة استجدت الظروف واقتضى الأمر إصدار نص او تعديله او إلغائه، اي طالما المجتمع لم يغير نظرته للضحية ولم يغير رأيه في أن الزواج من المغتصب هو الحل لا يستطيع المشرع أن يتخذ اجراءات على المادة.
ماذا تتعرض له الفتيات بعد الاغتصاب؟
ينظُر المُجتمع العربي بشكلٍ عام إلى المرأة المغتصَبة بطريقة سلبية، بل تُلاحقها نظرات ازدراء وخوف كأنّها السبب في حصولها على هذا اللّقب المُؤلم لها ولكرامتها⁶.
هذا إن لم يتمّ قتلها كما حدث مع الشابة السورية سلمى التي تعرّضت للاغتصاب وهي في المعتقل، وبعد خروجها قتلها أهلها لإيمانهم بأن قضايا الشرف لن تداويها الملاحقة القانونية⁷.
والأمر نفسه في العراق ما يهم هو ان تسلم العائلة على سمعتها ومظهرها الاجتماعي.. فاذا رفضت الضحية الزواج منه (الجاني) فان عائلتها سوف تقتلها⁸.
ماذا تتعرض له الفتيات بعد الاغتصاب والزواج من المغتصب؟
هذا الزواج، يشكّل إجحافًا بحق الضحية التي يمكن أن تُجبر على تكرار تجربة الاغتصاب على يد الجاني لبقية حياتها⁹، وهذا يعني موتها وهي على قيد الحياة.
أذن هل تعديل او الغاء المادة حل؟
بالتعديل أو بدونه الضرر قائم وهو موت الضحية نفسياً وانعدام حياتها الطبيعية.
نحن مع تعديل أو إلغاء المادة لكن يجب علينا ضمان حياة الضحية من المجمتع والاهل ثم نطالب أن نغير القانون.
لأننا اذا غيرنا القانون دون ضمان هذان العنصران – تغيير نظرة المجتمع والأهل- سوف تقتل الضحية في بيتها على مر الأعوام أو تقتل فعلياً مثلما تتكرر عليها جريمة الاغتصاب في زواجها من المغتصب وموتها نفسياً.
المصادر:
مبدأ الشرعية الجنائية يسود في الدول القانونية وفحواه سيادة القانون و خضوع الجميع له حكاما ومحكومين وهذه السيادة تعني في مجال التجريم و العقاب، حصر الجرائم و العقوبات في قانون مكتوب وواضح، و ذلك بتحديد الأفعال التي تعد جرائم و بيان أركانها من جهة، ثم العقوبات المقررة لها ونوعها و مدتها من جهة أخرى.
عبد االله سليمان، شرح قانون العقوبات الجزائري القسم العام /الجزء الأول/ الطبعة السادسة،/ديوان المطبوعات الجامعية/ الجزائر، 2005 ،ص ص 73_74
شرح قانون العقوبات القسم العام/ الاستاذ الدكتور جاسم خريبط خلف/ص 27 وص29
موقع بغداد اليوم.
الوسيط في النظرية العامة للقانون مع تطبيقات لتشريعات عربية/ الاستاذ الدكتور عمار بوضياف/ ص147
الجزيرة/ مروى عبد الرزاق
العربي السفير/ إكرام عدنني
المرأة في عين القانون/ المحامي المستشار الدكتور محمد جاسم العامري/ص 96
موقع الاورومتوسطي لحقوق الإنسان