التعليم الإلزامي لم يعد إلزامي!
إيلاف العامري
ما هو التعليم الإلزامي؟
صيغة تعليمية تهدف إلى تزويد كل طفل ـ مهما تفاوتت ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ـ بالحد الأدنى الضروري من المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم التي تمكنه من تلبية حاجاته وتحقيق ذاته وتهيئته للإسهام في تنمية مجتمعه¹.
وبتعريف اخر، يعني الحضور الإجباري في المدرسة أو التعليم الإلزامي أن الآباء ملزمون بإرسال أطفالهم إلى مدرسة معينة².
وقد يتم هذا التعليم في مدرسة مسجلة (التعليم) أو في المنزل (التعليم المنزلي)³.
ما هي آثار تطبيقه؟
من آثار تطبيق هذا النظام:
ـ تعليم للجميع، يساوي بين طبقات المجتمع وفئاته، ويشمل الصغار والكبار.
ـ تعليم يعنى بالإنتاج والبيئة ويربط بين العلم والعمل في الحياة.
-يحقق محو الأمية الهجائية والوظيفية.
ـ تعليم يُعنى بالتعلم الذاتي ويعود الدارس التفكير السليم⁴.
-أن هذا الإجراء يمكن أن يقلل من… التلاميذ المتسربين من مدارسهم⁵.
وتشير الدراسات أنه (إذا اكتسب جميع التلاميذ في البلدان ذات الدخل المحدود مهارات القراءة الأساسية لأمكن انتشال (١٧١) مليون شخص من براثن الفقر، وهو ما يعني تخفيض الفقر في العالم بمقدار ١٢%)⁶.
وأيضاً يساهم بتقليل من ظاهرة تسول الاطفال وانضمامهم إلى العصابات.
كما أن وجوده يرفع من المستوى الأخلاقي للطفل.
ما هي الأسباب التي تؤدي لعدم التعليم؟
آثار عدم تطبيق هذا النظام عديدة وتشكل خطراً وظواهر اجتماعية سلبية، فيمكن أن نحتصرها بعكس آثار تطبيق هذا النظام الذي ذكرناها أعلاه، اشار الدكتور السوداني هناك أسباب أسرية منها تخلي الآباء عن التزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه ابنائهم بسبب الطلاق وتفكك العائلة ، او القسوة في التعامل مع الابناء او ضعف الوعي الابوي بأهمية تعليم الابناء.
بالاضافة عن الاسباب الاقتصادية وهي حاجة الاسرة الى زيادة دخلها الحالي الذي يؤدي الى انخراط الاطفال في سن مبكرة في العمل وترك المدرسة لضعف إمكانية الأسرة لتحمل النفقات بسبب الدخل المنخفض وقلة الموارد المالية.
وهناك اسباب تربوية منها سوء معاملة بعض المعلمين للتلاميذ واتباع اسلوب العقاب البدني وسوء التفاهم مع اولياء امور التلاميذ .
وكذلك اسباب نفسية التي يعاني منها التلاميذ تؤدي الى تسربهم من الدراسة مع عدم تأقلم التلميذ مع الاجواء الجديدة للمدرسة وعوامل نفسية اخرى منها ضعف التركيز والذاكرة وصعوبة الحفظ وسهولة التشتت والشرود والنسيان. صعوبة مفردات المنهج او افتقارها الى التشويق وبعدها عن بيئة التلميذ⁷.
لكن رغم كثرة الأسباب وشدة تأثيرها على العوائل لو أن الجهات المعنية تتعاون ستجد حلول توازن الاوضاع وتتناسب مع ظروف العوائل، فمثلاً: من لا تملك اسرهم معيلاً او من يعدون هم المعيل الوحيد لها، … ان ينتسب المذكورون في المدارس المسائية القريبة من مناطق سكناهم⁸.
هذا يعني أن لو كان الطفل هو المعيل فيمارس عمله في فترة الصباح ويلتحق بالدراسة المسائية بعدها.
واكيد لو أن الجهات المعنية تكثف جهودها لابتكرت طرق توازن بين الدراسة والظرف التابع للعائلة، لكن للأسف لم نرى من الجهات المعنية سوى اقتراحات بطلب تفعيل هذا النظام، ولا يزال العديد من الأطفال خارج نطاق التعليم.
هل القانون يتبنى هذا النظام؟
في العراق يوجد قانون خاص لهذا النظام وهو:
قانون التعليم الالزامي رقم (118) لسنة 1976
المادة 1
اولا – التعليم في مرحلة الدراسة الابتدائية مجاني والزامي لجميع الاولاد الذين يكملون السادسة من العمر، عند ابتداء السنة الدراسية، او في 31/12 من تلك السنة .
ثانيا – تلتزم الدولة بتوفير جميع الامكانات اللازمة له .
ثالثا – يلتزم ولي الولد بالحاقه بالمدارس الابتدائية، عند اكماله السن المنصوص عليه في الفقرة اعلاه واستمراره فيها، لحين اكمال الولد مرحلة الدراسة الابتدائية، او الخامسة عشرة من عمره .
ويقصد بولي الولد لاغراض هذا القانون المتكفل فعلا برعايته .
مادة 12
عند مضي أسبوع واحد على بدء الدراسة دون تسجيل الولد المشمول بأحكام هذا القانون في المدرسة، تستدعي ادارة المدرسة والهيئة التعليمية، بالتعاون مع المنظمات الشعبية والمهنية، ولي الولد وتبذل جهداً في اقناعه بضرورة تسجيله في المدرسة وتنبيهه الى الواجبات والنتائج المترتبة على ذلك .
مادة 13
اولا – يعاقب بغرامة لا تزيد عن مائة دينار، ولا تقل عن دينار واحد، او بالحبس لمدة لا تزيد عن شهر واحد، ولا تقل عن اسبوع واحد، او بكليهما، ولي الولد المتكفل فعلا بتربيته، اذا خالف أيا من احكام هذا القانون .
ثانيا – تكون العقوبة بالحبس فقط، عند تكرار مخالفة احكام هذا القانون .
ثالثا – يجوز ايقاف تنفيذ العقوبة مطلقا، اذا وجد الحاكم ان ظروف المتهم تستدعي ذلك بعد تقديمه كفالة بذلك .
والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية:
المادة 13
تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وهى متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وهى متفقة كذلك على وجوب استهداف التربية والتعليم تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر، وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف الفئات السلالية أو الإثنية أو الدينية، ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة السلم.
2 ـ وتقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب:
(أ) جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجانا للجميع.
وترى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم (11) حول المادة (14) من العهد، والخاصة بخطط التعليم الابتدائي أن الدول الأطراف فيه عليها التزام واضح لا مراء فيه بوضع خطة عمل لضمان التعليم الابتدائي الإلزامي والمجاني⁹.
والعراق من الدول الأطراف إذن يجب عليه أن يلتزم بما نص عليه العهد.
لكن العراق لم يطبق هذا النظام سوى في السنين القليلة اللاحقة لصدور القانون.
وقال مستشار وزارة التربية محسن عبد علي ان هذا الواقع يؤكد ضرورة تداركه من خلال خطط مدروسة وجدية التنفيذ تتولاها الجهات التربوية، ومن ذلك إعادة الحياة لقانون إلزامية التعليم الذي كان بدأ تطبيقه عام 1978 ونجح في رفع مستوى التعليم الأساسي في العراق¹⁰.
أن ضرورة تطبيق هذا النظام تزيد في وقتنا هذا لأن هذهِ الفئة تمثل مستقبل البلاد ولكن بنفس الوقت نحن نراها تنغمس في الظلام وتسير في طرق الفساد بشكل لا أرادي فعلى الجهات المعنية أن تسارع بطتبيق هذا القانون لكي تتدراك تأزم الوضع في البلاد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
¹المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو UNESCO)
²”التعليم الإجباري”. مجلة نيو انجلاند للتعليم . 1 (5): 52. 1875. JSTOR 44763565 .
³ Mimir موسوعة اللغة العربية.
⁴الموسوعة العربية/موقع النجاح.
⁵المشرفة التربوية وداد يعقوب/ موقع العربي الجديد.
⁶جميل عودة ابراهيم/ شبكة النبأ المعلوماتية.
⁷شذى الجنابي/ الحوار المتمدن.
⁸مدير الاعلام التربوي ابراهيم سبتي / وكالة النبأ الاخبارية
⁹جميل عودة ابراهيم/ شبكة النبأ المعلوماتية.
¹⁰موقع إذاعة العراق الحر.
إيلاف العامري