محتوى الرسالة: في ضوء رمزية الكهف، كما لخصها أفلاطون (347 ق.م – 427 ق.م)() في كتابه الجمهورية (كتبه٬ حوالي عام 375 ق.م)()، نلاحظ أن الدافع السائد لدى البشر ليس الصعود نحو ضوء الشمس، رمز الخير والحق، بل الإقامة الاختيارية في الظلال، في الإسقاطات الوهمية التي، وإن كانت فقيرة في الواقع، إلا أنها تُقدم عزاء الألفة والامتلاك الوهمي. لا تسعى وراء الوضوح الذي يُؤذي العيون، بل نحو الظلام الذي يُريح الجهل.
في هذا السيناريو، لا يبقى الكهف مجرد سجن، بل يصبح منزلاً. لم يعد شرطًا مفروضًا، بل خيارًا متكررًا. الإنسان المعاصر، أو ربما الخالد، لا يخشى العبودية بقدر ما يخشى يأس الحرية. ستفضل دائمًا أمان الجدران المظلمة على الاتساع المُضاء.
وإذا أردنا، على غرار دانتي أليغييري (1265-1321)()، أن نُزيّن هذا الرمز بإضافة أدبية وميتافيزيقية، فسنكتب، على عتبة هذا الخطاب السري، تحذيرًا مُقتبسًا من القصيدة السردية (“الكوميديا الإلهية”٬ 1321)()، لم يعد موجهًا إلى الجحيم، بل إلى الانغلاق الطوعي للروح: “يا من تدخل، تخلَّ عن كل طموح”(). فأنت هنا لا تسعى إلى الأسمى، ولا تسعى إلى الأبدية، بل فقط إلى العزاء الثابت الناتج عن كمال زائف.
هذا النقش، وإن كان أقل جحيمًا وأكثر امتثالًا، يكشف عن تخلٍّ مماثل، لا عن الأمل، بل عن القلق، لا عن الخلاص، بل عن الرغبة. أن تكون طموحًا، بالمعنى الأسمى للكلمة، هو أن تُدرك نفسك ناقصًا، هو أن ترغب فيما هو أعظم، هو أن تترك نفسك تتأثر بالنور الذي يضيء ما وراء كهوف الروح.