إنتفاضة تشرين.. أحيت الجميل في الشخصية العراقية
أ.د.قاسم حسين صالح
اكثر ما احدثته انتفاضة تشرين /اكتوبر 2019 من دهشة انها فاجأت محللين سياسيين ومثقفين اشاعوا ثقافة التيئيس كانوا على يقين بان الاحباط قد اوصل العراقيين الى حالة العجز التام. وكان بينهم من راهن على انها (هبّة) وتنتهي، لأن الشخصية العراقية، على رأي الراحل علي الوردي، أشبه بنبات (الحلفه) اليابس.. يشتعل بسرعة ويخفت بسرعة.
وفاجأت ايضا علماء النفس والأجتماع بما يدهشهم.. بل أنها خطّات نظرية في علم النفس تقول: اذا اصيب الانسان بالأحباط وحاول.. وحاول ولم ينجح، فأن تكرار حالات الخذلان والخيبات توصله الى العجز والاستسلام.. فأطاح بها جميعها شباب ادهشوا العرب والعالم!.. واسقطوها في الخامس والعشرين بيوم جمعة (استعادة وطن).. متحدين الموت بصدور عارية وملاحم اسطورية ليسقط منهم ثلاثة وستون شهيدا التحقوا بـ(149) شهيدا حنّوا ساحات التحرير بدمائهم.
ولأن من عادتي استطلاع الرأي بحدث كهذا، فقد توجهنا بالآتي:
(اروع منجزات تظاهرات تشرين للسيكولوجيين ظهور اجمل صفات الشخصية العراقية.
اذكر واحدة خبرتها او عشتها لنوثقها في دراسة علمية).
تعددت الصفات التي ذكرها المستجيبون، نوجزها بالآتي:
الغيرة، الشجاعة، الاستعداد العالي للتضحية، التكاتف الملحمي، الثقة العالية بالنفس، التكافل، المروءة، الطيبة، روح التعاون، نصرة المظلوم، اللعب مع الموت والاستهانة به، حب الحياة، الخوّه الحلوه، كرم بلا حدود، اعادة الصورة الحقيقي ة للعراقيين، “احبك يا وطني واحب ريحة ترابك”، استرجاع الهوية العراقية وتجاوز الهويات الفرعية، بلاغة العبارة والاختصار في التعبير( اقالة رئيس الوزراء واستبداله بآخر عبارة عن تبديل راس الباتري.. احنه طلابتنه بالمحرّك- لافته)، التحرر من الاسترقاق الديني، تحطيم صورة المقدس البشري، الحس الوطني الجمعي لجميع الاعمار وحسن المعاشرة، الايثار، التضحية بالروح من اجل الحقوق، النظافة الاخلاقية اذ لم تحصل حالة تحرش كما حصلت بساحات تحرير في عواصم عربية اخرى، قتل الطائفية.. ”كان الشباب ينامون ببطانية واحدة ولا يعرف اي منهم من اي مذهب او عرق اودين “، العناد، اصرار المتظاهر على العودة لساحة التحرير بعد معالجته بالمستشفى، وحدة اهداف بعيدا عن دين مذهب عرق عشيرة، استعداد نفسي لمعاناة من اجل قضية وطن.. والتحرر من عقدة الخوف من السلطة الحاكمة.
وتوثيقا للغيرة العراقية والكرم ودليلا على حب الناس للمتظاهرين ونقمة الشعب على الحكّام الفاسدين، شهدت ساحة التحرير: (تريلة ببسي واخرى ماء شرب، وبالة بطانيات، وامهات يوزعن لفات وخبز العباس، وشيش كص عملاق، ونساء اتين بالتنور الى ساحة التحرير يخبزن للمتظاهرين ويوزعنه مجانا، وقزانات تمن باجله برياني وفاصوليا وقيمة وكبه مدعبله وشوربه.. وشاب متظاهر يركع امام فتاة متظاهرة لا يعرفها مقدما لها حلقة خطوبة) في مشاهد تسيل لها دموع تمتزج فيها انفعالات الفرح والألم وحب العراق!.
تلك هي حقيقة (العراقي).. صاحب نخوة وغيرة، وعاشق لوطن يفديه بروحه كما افتداه اكثر من ستمائة شهيدا من الشباب في شهر واحد!، قتلهم حكّام لا يعرفون من الوطن سوى انه حنفية تدر ثروة.. ولا يدركون أن الطغاة زائلون وأن طال الزمن!