الجمعة, مايو 9, 2025
لا توجد نتائج
اظهار جميع النتائج
  • الدخول
صوت الصعاليك
  • الرئيسية
  • شكو ماكو
  • تقارير وبيانات
  • أقلام وأراء
  • ثقافة و فن
  • كاريكاتير
    • كاريكاتير في زمن الكورونا
    • روافد وفنانين
  • أتصل بنا
  • EVENT
  • IRAQ NEWS
  • الرئيسية
  • شكو ماكو
  • تقارير وبيانات
  • أقلام وأراء
  • ثقافة و فن
  • كاريكاتير
    • كاريكاتير في زمن الكورونا
    • روافد وفنانين
  • أتصل بنا
  • EVENT
  • IRAQ NEWS
لا توجد نتائج
اظهار جميع النتائج
صوت الصعاليك
لا توجد نتائج
اظهار جميع النتائج
الرئيسية ثقافة و فن

كفاح الزهاوي ـ عندما يذوب الصمت

هيئة التحرير بواسطة هيئة التحرير
24 يوليو، 2023
في ثقافة و فن
0 0
0
كفاح الزهاوي ـ عندما يذوب الصمت

 

عندما يذوب الصمت

 

كفاح الزهاوي

 

        استيقظت من النوم ومازلت اشعر بالنعاس. قفزت من الفراش، متثائباً بصوت عالٍ مع إصدار نغمات نشاز في كل مرة ضغطت فيها على فمي بأصابع يدي المتراصة.

   أرسل صادق وهو مزارع في الخمسينيات من عمره، ابنته الصغيرة البالغة من العمر عشر سنوات الى مقرنا في وقت الظهيرة، طالباً المساعدة الطبية، لأن زوجته كانت تشعر بوعكة صحية. اعددتُ حقيبتي الطبية وتوجهت الى منزلهم المتواضع، الذي بناه بنفسه من الحجر والطين على الهضبة المطلة على مقرنا. يتألف المنزل من غرفة واحدة، فيها موقد، منتصباً في منتصفها. بالإضافة الى الغرفة، بنى كوخاً صغيراً كان مدخله مواجهاً للمنزل. استخدمه كمطبخ.

    بعد ان انتهيت من فحص زوجته. قدمت لي ابنته قدحاً من الشاي. وفي هذا الاثناء دخل شاب وهو بيشمرگة ينتمي الى أحد الاحزاب الكردية التي كانت تتواجد قواتها في نفس الوادي. كان نحيل الجسد، عيناه غائصتين في محجريهما، ضامر الوجه، يخفي تحت بشرته حزن عميق. يلبس معطف غامق اللون.

    رحب صادق به وقال:

  • اهلا بك يا دكتور. تفضل بالجلوس.

     أجاب بصوت خفيض:

  • تعيش.

    ثم جلس قبالتي وعيناه تحومان الغرفة بتفحص كمن يلقي على أجوائها نظرة الوداع. ثم ارخى نظره إلى الأرض، كاد اليشماغ ان يسقط من فوق رأسه. ومع ذلك لم يرفع عينيه نحوي. بينما طلب صادق من ابنته تقديم الشاي للضيف.

    وأردف صادق وهو يوجه كلامه الى الضيف:

  • كانت زوجتي تشعر بالتعب منذ يوم أمس، بفضل دكتور نضال من البيشمركة التابع للحزب الشيوعي العراقي الذي استجاب للطلب وتولى الأمر.

    عندها رفع رأسه وألقى نظرة سريعة نحوي بإيماءة خفيفة من رأسه بطريقة كمن يقول مفهوم.

    ثم أضاف صادق كمن لا ينسى خدمات الاخرين ايضا:

  •  يزودنا دكتور بهزاد ايضاً بالأدوية الطبية في كل مرة يزورنا فيها.

   كان بهزاد رجلاً في الثلاثينيات من عمره. وهو معاون صحي. جاء مع مفرزة الى المقر التابع لحزبهم في مهمة عمل.

   وفي تلك الجلسة القصيرة ترك لدي انطباعًا بأنه غير ودود وانسان غامض، لذلك حاولت التجنب وعدم الخوض في أي نقاش ودي معه. بعد ان احتسيتُ الشاي، غادرت المنزل.

    وفي اليوم الثاني، في تمام الساعة الثانية بعد الظهر عندما كنت أزور مقر حزبهم، تناهى إليّ أصوات تشي بالشجار، عرفت فيما بعد ان بهزاد هو أحد اقطاب الخلاف في هذا التبادل اللفظي مع بعض رفاقه.

    وفجأة استولت عليه رغبة جامحة بمغادرة المقر والعودة إلى مكان إقامته في مقر آخر، على الرغم من مناشدات البعض لمنعه من اتخاذ خطوة قد يندم عليها بعد ان أخبروه بمخاطر الطريق.

    عند خروجه من الغرفة، كان سلاحه من نوع الكلاشينكوف الروسية قد علا كتفه والغضب يغمر عينيه، ووجهه متجهم حد الانفجار.

    كان يوما ثلجياً عاصفاً. رحل وحيداً في هذا الطقس المُهلك، رافضاً الاذعان الى النصائح، بل أصرَّ على العودة بعناد مستميت الى مقرهم والذي كان يبعد بحوالي أربع ساعات سيراً على الاقدام في الأيام المشمسة.

   اعترتني قشعريرة في جميع أنحاء جسدي، ولم أجد اي مبرر لقراره مغادرة المكان في ظل هذا الجو العابس والكئيب، وفي ظل هذا الإصرار المجنون على شق طريق مبهم المعالم، وهو في حالة نفسية حادة. تراءى لي كمن يفكر بالانتحار.

    كنت ابحث عن تفسير مقنع لغضبه الذي اشتدَّ في لحظة، وقدرته الذهنية على مواصلة المسيرة بمفرده في هذه الوديان العميقة التي تغدو خطرة عندما السماء لا تنقطع ثلوجها عن السقوط. لابد وأن تركيزه كان منخفضاً ورؤيته ضبابية وفكره مُضْطَرِب. كل هذه العوامل مجتمعة كانت كافية لإلقائه في متاهة شاقة.

   وفي صباح اليوم الثاني توقفت الثلوج عن الهطول والسماء كانت صافية كالزجاج، والشمس تضيء بقوة خاوية من الحرارة، وكأن السماء لم تكن قبل عدة ساعات في حرب ضروس مع الأرض وهي تغرقها بوابل من زخات الثلج.

    خرج صادق في رحلة الصيد كعادته بعد ان تناول فطوره الدسم. لم يدم مكوثه طويلا في رحلته تلك، حتى عاد أدراجه بسرعة لينقل خبرا سيئاً إلى مقر الحزب الكردي، بعد ان تأكد بان بهزاد كان يرقد متجمداً بالقرب من كهف مفتوح ليس عميقاً نزولا الى الوديان القريبة عنا دون إعطاء مزيداً من التفاصيل…

    بادره أحدهم بسؤال بينما علامات الحزن ترتسم على وجهه:

  • هل هو ميت؟

     اجابه صادق بتردد، كمن غير واثق من الأمر:

  • لا اعلم، لكن جسده بدا جامداً والثج غطاه، لذلك هرعت اليكم لإبلاغكم على أمل ان تتمكنوا من إنقاذه.

    وحالما وصلتهم الأخبار، أبلغونا بالفاجعة وطلبوا منا المساعدة الطبية لإنقاذ رفيقهم. لذلك قمنا بتجميع قوة صغيرة، كنت أحدهم، بينما كانت قوتهم مجهزة ببطانية وقطع الحطب تمهيداً لإشعال النار. وخلال مسيرتنا على طول المسافة، كنت ألقي النظر الى الطريق الذي سلكه. شعرت، انه كان يكابد كثيراً وهو وحيد في وسط طبقة بيضاء تغطي الجبال والوديان، والرؤية كانت سيئة، والتعب قد نال منه واستنفد قواه العضلية، حيث لم يبق سوى ثلاث أمتار نحو كهف صغير. كانت توجد عيدان وبعض الأغصان الجافة وولاعة (شخاطة) حيث وضعت هناك للاحتياط. كان بإمكانه ان يحمر بها ناراً ويوقد توهجاً في جسده الذي استحال الى صقيع ليعود إلى حالته الطبيعية ويستعيد الحياة.

    مشاهداتي لأثار اقدامه الناحلة المتعثرة في الثلوج تؤكد فشله في محاولاته المتكررة واخفاقه الكبير في قدرته للعودة الى الطريق، بعد ان انزلق منه على المنحدر المتواري تحت أكوام الثلوج، والسعي بكل طاقته في التسلق إلى الأعلى.

    كان يترنح عاجزاً يمنةً ويسرةً حتى صار خائر القوى، وغزاه الظلام بعد ان امتص ما تبقى من ضوء النهار الباهت، وتضاءل منسوب الأمل مع تسلل اليأس إلى نفسه مع استمرار الفشل من محاولاته المتكررة.

    لقد خيم على المكان سكون مطبق، والريح الباردة قد أطبقت على جسده النحيل في عناق قاسٍ وامسكت بخناقه بعنف حتى أنهكت قواه، ووقع صريعاً مستسلماً الى نوم هادئ قرب صخرة كبيرة اتخذها كجدار آمن، واتكأ عليها ولاذ في صمت عميق بعيداً عن وقع بساطيل الجنود وأزيز رصاصات الموت.

    عندما وصلنا الى الموقع، كان جسده قد تجمد بالفعل كما لو ان دجاجة ملفوفة في كيس مصمم خصيصاً لهذا الغرض قد تُركت في المجمدة وظلت هناك في الى أجل غير مسمى. قمنا بإشعال النار وتركناه بالقرب منها حتى تتسرب الحرارة إلى جسمه وتساعده على تحريك الدم.

    كنت أتمعن فيه عن كثب. أخال عليَّ تلك الرحلة المشؤومة وما تمخض عنها من صعوبات: في تلك الساعة. كانت أعاصير من الأفكار قد عصفت جوارحي بقوة، وكأن صقيع الجبال ذاب على حين غرة وتدفق بسرعة لينساب مياهاً مدمرة تغرق كل شيء تصادفها في طريقها.

    لقد تجمدت اطرافه من البرد وسرى الخدر في جسمه الخاوي من أي سعرات حرارية. بدت هيئته للناظر وكأنها جثة محنطة.

   كانت هاوية الليل الطويل تزحف في الديجور أصداء الرعب والموت، وتختبئ في الطرقات وتحت الجليد، وتلقي ظلالا من العزاء واليأس.

    كنت أرنو الى وجهه الشاحب واتخيل وحدته في تلك الساعات العصيبة في العراء مرتعداً، وهو يصارع أشباح الموت وهم ينقضون عليه تحت جنح الظلام، وناقوس الليل يقرع في سكون بارد في عتمة الوادي إيذانا بانتهاء حمايته.

    ومن نافذة الفجر تسمع تراتيل الحزن تذوب في توان صدى صوته. ارى من آثار الأقدام المتعبة فريسة يأس أليم ناجم عن محاولاته العديدة في لجة الانهيار النفسي وهو ينحرف عن الطريق ويتدحرج ليسقط من هاوية المنحدر في بحر من أكوام الثلوج التي ما فتئت تنهمر بغزارة دون توقف.

    وكلما حاول انتشال نفسه من هذا الوحل الأبيض، الذي غرز نفسه فيه طواعياً، تضاءلت قدراته الجسدية وذابت طاقته الذاتية في رفد عضلاته قوة إضافية تمكنه على الصمود. وما ان رفع قدمه إلى الأعلى حتى أحس ان ركبتيه ترتخيان، وقدميه تثقلان فكأن الجليد قيدهما بالأرض.

    كان يبذل جهداً ارادياً عنيفاً في مواجهة الموت الزاحف. استفحل الشعور بالوحدة يملأ بسواد عاتٍ كالرماد، انهارت مقاومته كما ينهار جسر مهترئ عندما يداهمه الطوفان. ذلك الشعور المظلم في متاهة الوحدة وصراخ الصمت الكئيب في عزلة تامة عن العالم ورياح اليأس في زحمة الإخفاق والتراجع جعله واهناً أمام قوة الطبيعة الغاضبة في سلب الحياة. كانت سياط الريح قد خدشت سحنات وجهه الرقيق، ومحت عنها رونقها.

    كان جالساً بهدوء غير مألوف، يرنو الى جهة الكهف متحسراً. ربما جال في ذهنه ذكريات مدفونة لم يألف ان يتذكره في حياته الروتينية اليومية، ذكريات الطفولة والمراهقة المجنونة، وتلهفه الى تلك اللحظات التي قد تمدّه بشيء من الدفء، ولكن في هذا الوقت كان يمضي ساعاته الأخيرة في معركة غير متكافئة، في مواجهة عنيفة قد يكون مصيره الحتمي في عالم مجهول، عالم يختفي بخفة في نعاس الليل. عدو لم يرغب في منازلته، وإنما اصراره على التحدي اوصله الى هذا الكمين الواسع. راح الثلج يلفه كغطاء يمتص حرارة جسمه، وافترس جسده من كل جهات، وجمد أضلاعه، وكبح خلاياه عن الحركة. لم يبق للسماء لونا ولا للوديان طعما. كل شيء صار مراً مثل الحنظل. أسدل الليل ستاره وأنهى حراسته، فتفاقم في نفسه الشعور بالعزلة حدة.

    بالرغم انه كان يميل الى السكينة وقلة الكلام إلا انه في تلك الساعات النادرة كانت أمنيته ان ينبعث من ذلك الصمت ضجيج وصدى أصوات يخترق الكون ويصنع المعجزات. فبرقاده على الأرض المفروشة بالثلوج قد اوعز الى وعيه بالتوقف عن التنفس، وكأنه أراد ان يدفن خلجانه في العتمة بصمت.

    راح صوته يتهدج ويضيع في صومعة البرد القارس وفي غياهب السكون القاتل وخوار الروح المستسلم، والضباب الكالح في متاهة المسيرة الضائعة، والصراخ المكتوم في عمق النسيان.

    كان ذلك المنظر قد بدا لي مؤلما، بعد ان سرى وهج النار في جسده، وهمد صقيع المتجمد في عروقه، ولكن الدم لم يعد قادراً على الجريان في قلبه، فظل وجهه باهتا دون ان تغمره نسمات الحياة.

    طفق جسده في الاستلقاء على الأرض، ولكن بصمت وهو يرقد في عالم آخر. شعرت بالأسى عليه.

مشاركةتويتر
المقال السابق

كفاح الزهاوي ـ خلف الأفق

المقال اللاحق

محمد نذير جبر ـ ماذا لو

هيئة التحرير

هيئة التحرير

المقال اللاحق
د. عدنان الظاهر  ـ صَفَحاتٌ من سِفْر الشباب

محمد نذير جبر ـ ماذا لو

صحيفة صوت الصعاليك

صوت الصعاليك

“صوت الصعاليك” عراقية حتى النفس الأخير، هدفها الدفاع عن سيادة العراق واستقلاله، سيادة الأمن فيه وسعادة أهله.. إعلاء شأنه وإظهار إرثه الحضاري بأبهى صورة.

أبواب الصحيفة



المقالات تُعبر عن رأي كُتابها والموقع غير مسؤول عن محتواها

أعداد الصحيفة

© 2021 جميع الحقوق محفوظة -جريدة صوت الصعاليك.

مرحبا بكم في صوت الصعاليك

ادخل الى حسابك الشخصي معنا

نسيت كلمة السر ؟

Retrieve your password

الرجاء ادخال اسم المستخدم او البريد الالكتروني

الدخول
لا توجد نتائج
اظهار جميع النتائج
  • الرئيسية
  • شكو ماكو
  • تقارير وبيانات
  • أقلام وأراء
  • ثقافة و فن
  • كاريكاتير
    • كاريكاتير في زمن الكورونا
    • روافد وفنانين
  • أتصل بنا
  • EVENT
  • IRAQ NEWS
  • الدخول

© 2021 جميع الحقوق محفوظة -جريدة صوت الصعاليك.