مكسيكية
جميل حسين الساعدي
في الليلِ كــان لقــاؤنـــا فـي مطعم ٍ
صَدَحــتْ من المكسيـــكِ فيـهِ قياثـرُ
قــد أسكرتنـــي بغتـــة ً نظــــراتُها
فلخمـــــرةِ النظــــراتِ طعْمٌ آخــــرُ
فـي وجههــا القمحـيّ عرْسُ سنابلٍ
نضجتْ فباركـــــها الربيعُ الزاهــرُ
ويطلُّ مِنْ أعماقِ عينيها الضحــى
ورموشُـــها السوداءُ سِحْــرٌ آسِــــرُ
تتألقُ البسمــــاتُ فـوقَ شفاهِــــها
وكأنّــــــها روضُ بديــــعٌ عاطـــرُ
من أنتَ؟ تسألنـــي وتُبدي دهشـة ً
أمنجـــــمٌ أمْ ساحــــرٌ أم شـــــاعـرُ
فصمتُّ ثمّ أجبتُهـــا مُتبسّمـــــــا ً
سأقـــولُ ما قالــوا ولا أتفــــاخـــرُ
عُذرا ً فلســتُ منجّما ً أو ساحرا ً
لكنّ شعـــــري قِيلَ عنــهُ ساحــــرُ
أنا لســتُ من هذي البلادِ وإنّمـا
أنا مُبحــرٌ كالموجِ بلْ أنا طــــائــرُ
ضاقتْ بيَ الدنيا وضقتُ بها لذا
أنـــــا هكــذا طولَ الحيــاةِ مُســافرُ
مــا عــادَ لِيْ ماضٍ ولا مُستقبلٌ
زمني الذي أحيـــــاهُ .. هـذا الحاضرُ
فارقتُ ذاكرتــي وعشتُ بدونها
مَــنْ يصحبِ النسيانَ فهــــوَ الظافـرُ
قدْ كانَ لي وطــــنٌ جميــلٌ آمنٌ
غدرتْ بـــهِ الأحقــــــادُ فهْـــوَ مقابرُ
فيهِ رضعـتُ الحبّ منذ طفولتي
لولاهُ مُـتّ ومـــــاتَ فيّ الشاعــــــرُ
مـــا مِنْ عـــزاءٍ غيرِهِ أو سلوة ٍ
هـــوَ زاديَ المخبـــوءُ حينَ أحاصرُ
فلتصغي يا حسنـــــاءُ لي فأنا هنا
اليــــــوم َ لكنّـــــي غـــــدا ً سأغادرُ(1)
القــوّةُ الرعنــــاءُ فــي جبروتها ً
لنْ تقهـــــر َ الحبّ الذي هوَ قاهــــرُ
الظافـــرونَ بحقدهم وبمكرهـــم
هُمْ خاســـــرونَ وكلّ شئ ٍ عابــــــرُ
بالحبّ تنبعــث الحيــاةُ وترتقي
مهمـــا أشــاع َ الموت َ وحـشٌ كاسرُ
أنا رابحٌ في الحبّ رغْم َ خسائري
فمشـاعري دُهشـــتْ لقولي خاســــرُ
***
- كلمة فلتصغي تلفظ هكذا فلتصغِ ، وهذا ما يُدعى في علم العروض الإختلاس،
حيث تختلس الياء إلى كسرة ، لكي يستقيم الوزن ، وفي الشعر العربي قديمه
كثير من الشواهد على ذلك