ممَّا لا شكّ فيه أنَّ “حرب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ” أصبحت من المفاهيم الجديدة التي تستخدم في عالم الحروب وخاصة ما يدور في منطقتنا؛ وترتكز على استخدام أبرز وسائل التكنولوجيا الحديثة للتجسس وتحديد الأهداف العسكرية دون استعمال العنصر البشري (العملاء) فالعميل الصامت بين أيدينا وهو خادم مطيع لهذه المهمة ويعمل بالمجان لهذه الخدمة.
ففي زمن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وحرب المعلومات قد لا يخطر على عقل أحد أننا نمسك بأيدينا طيلة الوقت “عميلا صامتا ” يتجسس علينا بكل شيء يحدد مكاننا يصورنا حتى أنه يستمع لحديثنا ويقرأ كل ما نكتب ويرى كل ما نقوم بتصويره، إنه ليس شخصاً بشريا من يقوم بهذه المهام لكنه الهاتف الجوال الذي يتحول في بعض الأحيان من نعمة إلى نقمة تستبيح كل خصوصياتنا بكل تفاصيلها وهذا ما دفعني لكتابة هذه المادة بالاستعانة بالعديد من الأبحاث والدراسات التي تتحدث عن هذا المجال وأهميته وخطورته.
علمياً يستمد جهاز الجوال قدرته السريعة بهذا التحول عن طريق أجهزة الاستشعار والتي تسمى بالحساسات ” Sensors ” وهي توجد بداخله وطبعاً تعمل بدون أي أمر بالتشغيل من المستخدم ، كحساس الضوء والرطوبة والحرارة والحركة ، كما أن الجوال يستطيع تسجيل مكان وحركة المستخدم وحتى الارتفاع الذي يتواجد عليه من يستخدم هذا الجوال وكل ذلك يحصل بدون علم المستخدم ولا يحتاج إلى أي اتصال لكي يقوم بهذه المهام ، ولا حتى إلى شبكة الإنترنت لتسجيل هذه الأنشطة إنه يقوم تلقائياً بتخزين هذه البيانات واستعراضها لدى الاتصال بشبكة الإنترنت.
ليس محض صدفة عندما نتحدث عبر الواتساب عن مواضيع لنتلقى إشعار بإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى إيميل في الموضوع نفسه الذي تحدثنا عنه عبر الواتساب إنما هذا يؤكد بأن العميل الصامت الذي بين أيدينا يؤدي مهمته على أكمل وجه وبنجاح.
بالطبع كل ما سبق ذكره أعلاه يؤكد بشكل قاطع خطورة التعامل بهذه الأجهزة، لا أقول بأنني أريد إلغاء استخدام هذه الأجهزة والاستغناء عنها من حياتنا ولكن علينا الحذر الشديد والتعامل معها بمسؤولية وخاصة في الحرب الأمنية والاستخباراتية التي ينشط بها العدو الاسرائيلي سواء في لبنان وسوريا وفلسطين والتي يستخدم فيها أحدث تقنيات التجسس والتي تُعد من أهم أوليات الكيان الأمنية التجسسية التي يستخدمها في حربه الشعواء إلى جانب الحرب العسكرية والتي لا تقل أهميةً عنها.
فجميعنا عرضة للتجسس في ظل عصر الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال اختراق أبراج الاتصالات والتي تستخدم بياناتنا سواء كان الجوال مغلقا أو وضعناه في جيبنا ، فمن خلال بحث بسيط على الإنترنت نرى بأن نظام ” Android” قد صمم بطريقة تتعقب الحركة لا وبل وتسجلها بغض النظر عن وضعية الجوال ، وفي ظل تقنية الذكاء الاصطناعي يستطيع العدو الاسرائيلي اختراق أجهزة الجوال لأي شخص لا وبل يقوم بتشغيل الميكرفون والتجسس على مستخدم الجوال وحتى أنه يمكنه تشغيل الكاميرا الخاصة للجوال من خلال تقنية بسيطة أيضاً بزرع كود برمجي يتم زرعه بجوال المستهدف عبر الاتصال من رقم مجهول دون الحاجة للرد على الاتصال، فيصبح جهاز متلقي الاتصال بتطبيقاته وصوره وتقنياته ووسائل التواصل الاجتماعي بدون أي حماية وتحت عين العدو الإسرائيلي.
وهنا أود أن أستذكر لك عزيزي القارئ مشروع “Project Nimbus” الذي أثار ضجة كبيرة من خلال فضحه التعاون بين شركتي Google و amazon و العدو الإسرائيلي، بحيث أتيح للعدو الإسرائيلي خدمات “Cloud ” مع تقنيات الذكاء الاصطناعي من كاميرات مراقبة يستطيع من خلالها التعرف على ملامح الوجه وحتى تقنية التتبع وتقييم المحتوى بكل تفاصيله ( العاطفي _ الصور _ الكلام _ الكتابة) بدون أي حق لشركة Google بالطريقة التي يتم استخدام هذه التقنية ، وهذا بالطبع ما دفع العدو الإسرائيلي إلى تشكيل وحدة اطلق عليها اسم “Hatsf” والتي تهدف بشكل أساسي مراقبة كافة وسائل التواصل الاجتماعي ” Social media ” وحتى اختراقها والتجسس عليها واستخدام كل ما فيها لصالح العدو الإسرائيلي.
وأخيراً علينا التعامل بمسؤولية وحذر في هذا الوقت الصعب الذي ينشط فيه العدو الاسرائيلي بكل إمكانياته للتجسس على كل شيء وأخذ الحيطة والحذر حيال الاتصالات المجهولة ورسائل البريد الإلكتروني “E-mail” المشبوهة والتي تحاول إيهام المتلقي بتوفر مساعدة بنكية أو إرثية من خلال رابط أو تعبئة بيانات، كما ويجب الحذر أيضاً من تنزيل التطبيقات غير الأصلية مثل WhatsApp”, plus” وغيره من البرامج التي تتجسس علينا والتي يستخدمها العميل الصامت في عصر الذكاء الاصطناعي.