الأماني بيوم المسرح العراقي عيدا لفن المسرح
وكل من يعمل فيه
أ.د. تيسير عبد الجبار الآلوسي
بعد سنوات من نداء كنتُ توجهتُ به، بقصد اختيار يوم للاحتفال بالمسرح العراقي وبعد اختيار يوم 24 من شباط فبراير يوما احتفاليا، وهو اليوم الذي احتفل به لسنوات وعقود، الفنان الرائد الكبير، عميد المسرح العراقي الراحل يوسف العاني؛ بعد تلك الرحلة، نحتفل هذا العام بيوم المسرح العراقي، بدءاً بتوجيه التهاني والأماني إلى كل من عملت وعمل في الفن المسرحي في بلاد مسرح أكيتو السومري في عراقنا القديم مروراً بـ (المناظرات) مظهراً أو شكلا للمسرح في الحضارة الوسيطة أيام المستنصرية وبيت الحكمة وحتى يحط الرحال بمسيرتنا في عصرنا الحديث مذ أول مسرحية عراقية كتابة وتنفيذاً، بالإشارة إلى مسرحية لطيف وخوشابا العام 1892 وحتى يومنا…
مسرحنا بعراقته يليق بسِفْرِهِ الباهر الكبير هذا، أن نحتفي به وأن يكون له استقلاليته بين أعياد الوطن والناس.. فلطالما كان فنان المسرح من السيدات والسادة نبراساً يزيح دياجير الظلام وكلكل المعاناة الاجتماعية ويكسّر قيود ما تكلّس وتجمد من التقاليد البالية ليفتح نوافذ الحياة أنواراً ساطعة تضيء مجتمعنا.. واستكمل مسرحنا خطاه بانتقاله من المرامي الاجتماعية ومعالجة قضايا نوعية عميقة فيه إلى معالجات كانت تشي بالسياسي الاجتماعي الأشمل والأعمق حيث انطلقت التظاهرات الشعبية من صالات المسرح خطابا جديا فاعلا مؤثراً يردد خطابه ومعالجاته لتغيير الواقع.
مسرحية تحاكي 100 عام من أحداث العراق عبر “الظل” في الكوت
وإذ نذكر اليوم أساطين كما إبراهيم جلال وجاسم العبودي وسامي عبدالحميد وصلاح القصب وقاسم محمد وحيث يوسف العاني وزينب وناهدة الرماح وآزادوهي صاموئيل وعشرات بل مئات غيرهن وغيرهم إذ نذكر الأسماء تُعزف سمفونيات بطولية من مستوى سمفونيات الخلود المشهورة بسبب رائع التضحيات التي قدمنها وقدموها ليس للمسرح حسب بل ولمجمل الثقافة الوطنية بهويتها وللإنسان العراقي والإنسان بكل مكان..
إن يوما للمراجعة والاحتفال ومنح فرص القراءات الحقة لمجمل الفاعلين في المسرح بكل تخصصات العمل المسرحي هي قضية نوعية مطلوبة لا ينبغي التأخر عنها طويلا وإذا كان بعض من يدير النشاط (قد) لا يقرأ أو يمتلك عذرا لسنوات خلت فإن الاستمرار بإغفال هذا الحدث المهم والاستثنائي سيكون سابقة محسوبة عليه وعلى محمولات ذاك الموقف فلسفيا فكريا وثقافيا فنيا مسرحيا..
ثقتي وطيدة باستحقاق الفنانة والفنان بهويتهما المسرحية العراقية لمثل هذا اليوم عيدا واحتفالية ومنصة تزدهي بأعمال الفرق الفنية تتنافس في عروضها البهية الكبيرة بجانب انتشار الاحتفاليات ليس بين جدران صالات المسرح وأقسام المسرح بأكاديميات الفنون وكلياتها بل وفي أوسع ميادين الاحتفال ليتحول إلى كرنفال شعبي يمكن لأوسع جمهور المسرح من المشاركة وهو الركن الجوهري في وجود أي مسرح…
ثقتي وطيدة بأننا إذ نتبادل التهاني بعيد المسرح العراقي فإننا الأجدر استحقاقا بأن نحيل الموسم المسرحي إلى شهر بهي يبدأ عراقيا بيومه المخصوص ويختتم باليوم العالمي للمسرح ولتكن رسالتي اليوم متجددة إلى كل فنانات مسرحنا وفنانيه وبالتأكيد إلى جمهور المسرح العراقي الأصيل يتوجه بحملة غامرة من تحايا التكريم والتعريف بمبدعاتنا ومبدعيه وإعلاء مكانهم ومكاناتهم التي يستحقون..
وبذات الوقت أجدد النداء والدعوة لنقابة الفنانين وللروابط والجمعيات والفرق المسرحية جميعا كي تعتمد اليوم العيد لمسرح عراقي الإبداع والتألق والعطاء ورسالتي لا تستثني المستويات الرسمية بوزارة الثقافة ودائرة الاختصاص وللجهات العليا المعنية بقرار يصدر بقانون لأهمية ما نحن بشأنه حيث نكرم ثقافتنا الوطنية ونضعها حيث تستحق وحيث يستحق المواطن متفرجا مسرحيا نوعيا كبيرا والفنان المبدع مسرحيا أصيلا خلاقا منتجا مؤثرا.
وما أحوجنا لمثل هذه النافذة في بناء الشخصية الوطنية وعمقها ..فهلا تفكرنا وتدبرنا القرار؟؟؟
وطوبى لكل من ارتقى لمستوى ما فرضته قامات المسرح العراقي من نسوة ورجال كان فعلهن وفعلهم الأبقى والأكثر خلودا وأثرا وهن وهم تطرز الصدور أوسمة الثقافة العراقية ونياشين مسرحنا الشامخ..
لكم نسوة ورجالا تحايا من القلب وأنتن وأنتم تواصلن وتواصلون مهام الإبداع المسرحي الأبهى
كلمة ثانية ومتابعة في الدفاع عن الاحتفاليات المحلية الوطنية ومعانيها
وسلامة اختيارها ولزمه ووجوبه:
أن نحتفل بيوم عالمي للمسرح وآخر عربي إقليمي وثالث ليوم مخصوص بمسرح كوردي أو سرياني أو تركماني فتلك من التقاليد الثقافية السامية البارزة التي باتت تؤشر خطى المنجز المسسرحي وكل الأعمال الفنية سينمائية ودراميةي تلفزيونية وإذاعية وغيرها.. ونحن ندرك أهمية تلك الاحتفاليات التي تؤكد دلالات غير كمالية عابرة بل في صميم دعم حركة الإبداع وتكريم مبدعاتها ومبدعيها باستحقاق مجتمعي هو مفردة من يوميات الإنسان بكل تلك الصُعُد البهية لحركة الثقافة المتخصصة في أبوابها..
وهناك على منصة الاحتفال بالمبدعة والمببدع سنلتقي الكاتب المؤلف ونلتقي المخرج والممثل وكل القائمين على إنجاز العمل المسرحي ووضعه على الركح بكل تفاصيل الإبداعلكننا لا نتحدث عن التقنية الفنية المنتَجة هناك.
بل نتحدث عن هوية وطنية تنتمي للمحلي الشعبي المنبعث من الحواري والضواحي والأحياء الشعبية وأزقتها وشوارعها من الإنسان بقيمه وخصاله وتفاصيل يومه العادي ومن ثم من حاجات الإنسان والكيفية التي تناولتها المسرحية ومعالجاتها لها بما يتسق وشخصيية إنسانية واضحة الهوية بمعالمها وسماتها وطبائعها حداً يمكننا أن نضعها بمقاربة العالمية انطلاقا من المحلي.
لا تسألوا لماذا لا نملك موطئ قدم إقليميا عالميا بمنطلقات إجابة تقع خارج ميدانها بل تأكدوا من مواقفكم بلى مواقف الاحتفال بالمحلي الوطني الهوية حينها يتم توكيد هوية محلية وطنية بأروع معالمها فنقدم مبدعاتنا ومبدعينا وسط الإقليمي والعالمي ونتفاعل فنؤثر ونتأثر إنسانيا بما ينبغي أن يحدث فعليا
فلا تتأخروا في اعتماد احتفاليات الوطن ومجتمعه التعددي المتنوع بممرات تعنى بكل التخصصات كتّاباً ومخرجين وممثلين نسوةً ورجالاً وكل في باب منجزه حتى نستطيع الارتقاء بما ينبغي أن ننهض به.
فلنحتفل باليوم الوطني (العراقي) للمسرح ومبدعاته ومبدعيه من بنات وأبناء مجتمع الوطن وهويته العراقية عبر عصورها وبهن وبهم يليق الاحتفال بعد مسيرة ناهزت القرن ونصف القرن وبعد تضخيات جسام وها هن وهم بتواصل العطاء والإبداع
ألا فلنلتقي في احتفاليات عراقية الهوية والانتماء في مسرحنا حتى يمكننا أن نكون أكثر وضوحا بوجودنا إقليميا عربيا وعالميا إنسانيا.
وطوبى لجميع الناشطات والناشطين في مسرحنا وعلامات تألقه… شكراً لكل تعليق واتفاق مع المهمة الوطنية الكبرى في مسيرة ثقافة أصيلة الانتماء والهوية فهو تصويت شعبي ومتخصص أيضضا لتبني الرؤية ومنع تأجيلها لزمن أكثر تأخرا وتلكؤا..