متابعة تنفيذ عقد ناقلتي المنتجات النفطية مع الشركة النرويجية
أحمد موسى جياد
سبق لشركة ناقلات النفط العراقية/وزارة النفط ان تعاقدت، في عام 2020 مع شركة نرويجية لبناء ناقلتين للنفط/للمنتجات النفطية. اثرت في حينها بعض التساؤلات والشكوك. تم تنفيذ العقد بعد تاخير يعادل، على الاقل، مدة العقد ذاته، واتضح ان الشركة النرويجية كانت مجرد “وسيط تجاري” حيث تم بناء الناقلتين في الصين ومن قبل شركة صينية. وعلى الرغم من وصول الناقلة الاولى في شهر ايلول الماضين لازالت الشركة النرويجية هي “المالك المنتفع”!!!
احاطت وزارة النفط وشركة ناقلات النفط العراقية تفاصيل هذا العقد بالسرية التامة رغم متابعتي وتساؤلاتي المتعددة حول الموضوع حين رشحت اخبار العقد، والان اتابع تنفيذ العقد وتشخيص ما على التنفيذ من مأخذ وتساؤلات عن قانونيته ومشروعيته، وادعو الى التحقيق في حالت صحة ما ذهبت اليه خاصة ما يتعلق بالتعاقد على اساس “الوسيط” واستمرار واحتفاظ “الوسيط” بحقوق “المالك المنتفع” رغم ان احدى الناقلات النفطية راسية ضمن الحدود السيادية العراقية.
أعلن موقع وزارة النفط خبر مقتضب حول لقاء وزير النفط مع رئيس مجلس إدارة شركة بوت سيريس (خدمات الزوارق) النرويجية والوفد المرافق له في 5 شباط الحالي.(1)
من الجدير بالتذكير انه سبق وان اعلنت وزارة النفط في حكومة الكاظمي بتاريخ 20 اب 2020 ان شركة ناقلات النفط العراقية (المرتبطة بالوزارة) قد تعاقدت مع الشركة النرويجية المذكورة على بناء ناقلتين للنفط/للمنتجات النفطية، يتم تسليمهما خلال 18 شهرا.
دفعني اعلان حكومة الكاظمي اعلاه الى اعداد مذكرة تفصيلية حول الموضوع ونشرها بشكل واسع وارسالها مباشرة الى وزارة النفط والامانة العامة لمجلس الوزراء والعديد من الجهات الرسمية العليا في السلطات الثلاث وذلك بتاريخ 20-21 آب 2020 بعنوان “مستعجل للغاية شكوك مقلقة تتعلق بعقد شركة ناقلات النفط العراقية مع الشركة النرويجية”(2)
بعد نشر وتوزيع المذكرة اعلاه استلمت معلومات اضافية مهمة ومقلقة ايضا تتعلق بالشركة النرويجية وممثلها في العراق، رشيد شوكت رشيد كتاني، وشركته (شركة تولاز للتجارة العامة المحدودة، المؤسسة في 2006 في اربيل) التي تركز نشاطها على تقديم الخدمات لمواقع القوات الامريكية والتحالف وتركيب مواقع الاقامة الجاهزة-كامب. ليس لشركة تولاز ولا لصاحبها علاقة على الاطلاق بقضايا ناقلات النفط او المنتجات النفطية.
لم ترد وزارة لنفط على ما ورد في مذكرتي تلك.
اعلنت الوزارة في 28 ايلول 2023 استلام ناقلة المنتجات النفطية “سومر” التي تبلغ حمولتها 200 الف برميل (31 الف طن).(3)
اما الناقلة الثانية “أكد” وهي بنفس المواصفات، تشير المعلومات الدولية انها ابحرت باتجاه البصرة بتاريخ 1 كانون اول 2023.
لغاية تاريخه لم تذكر وزارة النفط ولا شركة ناقلات النفط العراقية اية معلومات عن الناقلتين باستثناء الاسم والحمولة وصور للناقلة سومر في ميناء خور الزبير بمحافظة البصرة. كما لم تذكر الوزارة او شركة الناقلات كلفة أي من الناقلتين وشروط الدفع الفعلية والشروط التعاقدية المتعلقة بجهة بناء الناقلتين وتوقيت نقل الملكية، وغيرها من الشروط التعاقدية المهمة.
بالمقابل تشير المعلومات المتوفرة، ومنها مصادر خارجية الى مسائل بعضها مهمة للغاية يمكن تلخيصها بما يلي:
اولا- تاخر تسليم الناقلة الاولى، سومر، بواقع 18 شهرا، أي ما يعادل مدة العقد. اما الناقلة الثانية، اكد، فلم تسلم لغاية تاريخه، أي بتاخير يقارب 24 شهرا. لم يتضح من بيانات وزارة النفط أي شيء عن تفعيل فقرة “الغرامة التاخيرية”، ان وجدت في العقد “السري” المتعلق بهذه الصفقة!!
ثانيا- تم تصنيع وبناء الناقلتين في الصين. وهذا يعني ان الشركة النرويجية قامت بدور “الوسيط Middleman” وليس بتصنيع وبناء الناقلتين. وهذا باعتقادي يتعارض مع قوانين وتعليمات تنفيذ العقود الرسمية التي تحظر التعاقد بالواسطة في مثل هذه الحالات. وكان بإمكان شركة الناقلات العراقية ووزارة النفط التعاقد مع الشركة الصينية مباشرة. اعتقد ان هذه الحالة تمثل شكل من اشكال العقود المشكوك في مشروعيتها القانونية ان لم تكن مثلا واضحا للفساد الرسمي، عالي المستوى، المتزايد بوتائر سريعة ومؤثرة.
وإذا كان دور الشركة النرويجية وسيطا، فما هو مقدار حصتها (كومشن) من قيمة العقد، ومن هو الطرف التعاقدي الذي يتحمل تبعات مخالفات الشروط التعاقدية وخاصة تلك التي تتعلق بالمواصفات النوعية والتقنية والتشغيلية وغيرها من الامور التي تتعلق بضمانات مرحلة ما بعد تسليم الناقلتين.
ثالثا- الغريب انه لم اجد في الموقع الالكتروني لشركة بوت سرفس أي ذكر للناقلتين ولا صور لهما ولا عن زيارة وفد الشركة الى بغداد ولا عن اية علاقات تعاون مُؤَسَسَة مع الشركات الصينية.(4)
رابعا – نقل عن احد المختصين في مؤسسة Lloyd’s List Intelligence ان الشركة النرويجية، كما في 6 كانون اول 2023، هي “المالك المنتفع beneficial owner ” للناقلة سومر، وذلك في ضوء الممارسات التعاقدية المتعارف عليها في معاملات تاجير وعمل الناقلات، ومنها النفطية مثل تعابير ومصطلحات bareboat charter and leaseback deal . (5)
لكن الناقلة المذكورة وصلت الى خور الزبير في 28 ايلول 2023، كما ذكر اعلاه، وبذلك اصبحت ملكيتها عائدة الى شركة ناقلات النفط العراقية؛ فما هو الاساس القانوني او التعاقدي الذي يسمح للشركة النرويجية الاستمرار بانها المالك المنتفع!!!
هذه مسالة مقلقة للغاية ان كانت صحيحة.، ليس فقط لناقلة سومر بل كذلك للناقلة الثانية، أكد. لأهمية وخطورة الموضوع اجد من الضروري قيام كل من وزارة النفط وشركة ناقلات النفط العراقية توضح الامر بشكل كامل وبكل شفافية. وان كان الامر صحيحا فعلى الجهات المعنية، وخاصة ديوان الرقابة المالية الاتحادي التحقيق في هذا الموضوع وتبيان مدى قانونيته ومشروعيته وتوافقه مع المصلحة الوطنية.
خامسا- في ضوء ما ذكر اعلاه، وخاصة عند ثبات صحتها، على وزارة النفط وشركة الناقلات الكف عن هذه التعاقدات الملتوية والمحاطة بالسرية المقيتة من جهة، وحظر التعامل مع الشركة النرويجية مستقبلا كوسيط تجاري بعد حسم اية متعلقات تخص الناقلتين سومر واكد من جهة ثانية.
استشارية التنمية والابحاث
النرويج
11 شباط 2024
الهوامش
(1)https://www.oil.gov.iq/?article=1930
(2) https://www.akhbaar.org/home/2020/8/274596.html
http://www.sahat-altahreer.com/?p=66155
شكوك مقلقة تتعلق بعقد شركة ناقلات النفط العراقية مع الشركة النرويجية// احمد موسى جياد
(3)https://www.oil.gov.iq/?page=1700
4 ) (https://www.batserviceyards.com/vessels.html
(5)https://amwaj.media/article/why-iraq-s-oil-tanker-ambitions-haven-t-made-it-to-deep-waters