نور زهير قادم !
احسان جواد كاظم
تدور النقاشات حول الانتخابات البرلمانية القادمة وجدوى المشاركة بها من عدمه بالمقاطعة بسبب القانون الانتخابي الجائر وعدم تطبيق قانون الأحزاب وخاصة بنوده المتعلقة بتحريم مشاركة الأحزاب ذات الأذرع المسلحة بالانتخابات، واشكالية سقف الأموال المستخدمة لكل مرشح ومنع استغلال المال السياسي…
ولكن اللافت للنظر هو إعلان متابعين سياسيين عن استعداد نور زهير ( المطلوب قانونياً بسبب سرقة القرن ) دخول المعترك الانتخابي، بعد تشكيله لحزب ( الرواد الوطني ) ينزل به ليتبوأ مرشحيه موقعاً في مجلس النواب وربما في قيادة الدولة.
وقد أكد هذه المستجدات تصريح النائب في مجلس النواب العراقي مصطفى سند : ” ملف نور زهير انتهى وسيتم تسويته وفق قانون العفو “. وبذلك سيكون مؤهلاً كلياً لخوض الانتخابات.
ومع أني لست أبا علي الشيباني أو نوستراداموس وبالتأكيد لست العرافة البلغارية بابا فانغا، لأتنبأ بما سيأتي به الغيب. إلا أني توقعي يقف على أرض الواقع الصلبة، على أساس دلائل واقعية بإمكانية فوز نور زهير وحزبه الجديد بمقاعد في مجلس النواب، ليس بسبب الإسناد الشعبي ولا مشاعر الحب اتجاهه بل لأن من يقف وراءه من أحزاب السلطة تهابه، وقد تكون تعتبره منقذاً.
فهو على عكس قادة الإطار التنسيقي الشيعي وقيادات تحالف إدارة الدولة التحاصصي، له كاريزما مشهود لها، تدل على ذلك علاقاته الواسعة والمتشعبة والتي تتيح له الدخول إلى أكثر دهاليز الحكم ضيقاً وأهمية، والا ما كانوا يثقون بترك مصائرهم وأسرارهم بيده، وقد كانت ترجمتها فترة احتجازه القصيرة في زنزانة السبع نجوم. ومواجهته اللامبالية لكاميرات تصويره وراء القضبان في تحدٍ سافر، متمثلاً ” بخزرات عيون غاضبة “، ثم إملائه تاريخ نهائي لإطلاق سراحه وإلا… هذه الإ التي أجبرت السلطات الثلاث في الدولة إلى الإذعان لرغبته والنزول عند ما يأمر به.
وإذا كان إطلاق سراحه الاول كان بمسرحية اعادة الاموال المسروقة لخزينة الدولة، البائسة، والتي لم تقنع أحداً من المواطنين، ومن ثمة تهريبه إلى خارج البلاد، رغم عدم اسقاط الجريمة عنه في تحايل مكشوف على أنظمة وقوانين الدولة العراقية، وتحديه الشجاع والسافر، واحراجه لاحقاً، للسلطات الحاكمة باستعداده للمثول امام محاكمة علنية له ليسلم نفسه، ولكن الخوف من كشفه المستور منعهم. فكان صدور العفو عنه غيابياً بتصويت برلماني كامل الدسم… قيل ان تمرير قانون العفو كان لأجله ومفصلاً عليه خصوصياً.
كما أنه يتميز بذكاء خارق، تفوّق به على عباقرة سياسيي الشيعة والسنة والكرد، جماعة وأفراداً. ويبدو أنه أمّن نفسه وحصنّها وثائقياً وبما يخزنه في ذاكرته من مواقف وسقطات لهم، او ربما بما يحوز عليه من أموالهم، يستثمرها لصالحهم ولا زالت بحوزته، ولا يودون اغضابه وفقدانها. والا لكانوا قد صفوه جسدياً.
يبدو أيضاً، إنه عرف كيف يرتب أموره قبل أن يتعشوا به بما يمتلكه من أدلة إدانة و( لزمات ) عليهم، على أساطين السياسة والدين والمجتمع لا تضاهيها ملفات رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي التي هدد بها أعداءه وحلفاءه، ولا ملف محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي الحالي، والذي قال لو أنه فتحه، فإن ما يحتويه يقلب العملية السياسية ( عالبطانة، فوگـ حدِر ) !
تذكر التجربة أنه لو تريد أن تحتوي مجرماً وتحيّده، اعطه موقعاً في جهاز الأمن، فيكفيك شره ويُبدع في فرض الأمن… لأنه يعرف المجرمين والحرامية وله خبرة في أساليبهم وطرق التعامل معهم، ولا يتورع عن إيذاءهم لو حاولوا القضم من سطوته.
ولو توفرت الظروف لنور زهير أو من يمثله، لتسنم موقعاً رسمياً مهما، ربما سيشارك العراقيين، لبعد نظره، ببعض غنائمه ليضمن استمرار تدفقها، وليس كما المجموعة الحاكمة التي تلتهم بل تبتلع ثروات البلاد بلا رادع ولا يوقفهم وازع ضمير، كأنها لن تعيش غدا.
لست من مؤيدي نور زهير لكنه أنسب السيئين ممن هم متاح لدينا، تحت اليد، من المجموعة الحاكمة… فلا يعرف عنه شخصياً ممارسته للعنف، فهو على ما يبدو أذكى من غيره من قادة الطوائف والميليشيات في استخدام السلاح. فهو قد ينتقم من غرمائه بأسلوب Smooth، بانهائهم اقتصادياً ومالياً بحكم خبرته الواسعة في التعامل التجاري وغسيل الأموال.
قانون الانتخابات بصورته الحالية وظروف تطبيقه، وطبيعة لجنة الانتخابات العليا التحاصصية، والتغاضي عن شروط قانون الأحزاب، تمكن من هم على شاكلة نور زهير من منظومتهم من الفوز، وبالخصوص عندما يمتلك عليهم حجج تمكن من إدانتهم قضائياً وتدمير سمعة أكبر رأس… واذا كانوا يعتبرون أنفسهم فوق القانون وأعلى من الدستور وأقدس من العقيدة، فهو بالتالي الأعلى والأسمى والأقوى !!!
الشيطان سيطلق زغاريده لو فازوا مجدداً بالانتخابات !!
ولو فشلوا سنردد مع العقيلة زينب بنت علي :
” يا أهل الختل والغدر… لا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنّة ” !.
رقأت الدمعة – انقطعت بعد جريانها.
الرنّة – صوت البكاء