أهمية التفكير النقدي في التعليم والثقافة والبحث العلمي
أ.د. محمد الربيعي
التفكير النقدي هو “التقييم الصحيح للمعلومات”. يوصف أيضا على أنه “التفكير في التفكير”. أحد التعريفات الشائعة هو “التفكير التأملي المعقول الذي يهدف إلى تقرير ما يجب تصديقه وما هي الاستجابة الصحيحة”(1) . التعريف الأكثر تفصيلاً هو “التحليل النشط والفعال ووضع المفاهيم والتطبيق والتوليف، و/أو تقييم المعلومات التي تم الحصول عليها أو المتولدة من خلال الملاحظة والخبرة والتفكير أو الاتصال كدليل للإقناع والعمل” (2). يتميز التفكير النقدي بإجراء استنتاجات منطقية وتشكيل نماذج منطقية تتسق مع نفسها واتخاذ قرارات مستنيرة حول رفض أو الموافقة أو تأجيل النظر في أي حكم مؤقتا.
ويعّرف التفكير النقدي ايضا بأنه القدرة على تحليل المعلومات بموضوعية وإصدار حكم منطقي. يتضمن تقييم المصادر، مثل البيانات والحقائق والظواهر التي يمكن ملاحظتها ونتائج البحث. وتساعد مهارات التفكير النقدي على تحديد المصادر الموثوقة وتقييم الحجج والرد عليها وتقييم وجهات النظر البديلة واختبار الفرضيات مقابل المعايير ذات الصلة (1).
يمثل التفكير النقدي اشكالا اخرى من المهارات والقابليات منها التفكير الذاتي التوجيهي والانضباط الذاتي والمراقبة الذاتية والتفكير التصحيحي الذاتي. ويتطلب منك أن تكون على دراية بالتحيزات والافتراضات الخاصة بك عند مصادفة المعلومات، وتطبيق معايير متسقة عند تقييم المصادر. انه مهم لإصدار الأحكام حول مصادر المعلومات وتشكيل حججك الخاصة في السياقات الأكاديمية والمهنية والشخصية.
والتفكير النقدي ضروري لنمو المجتمعات ثقافيا وعلميا فهو غذاء العقل. إنه عامل بناء مهم لأي مجتمع. يمكّن الناس من تنمية قدراتهم ونموهم الذهني، ويبرز الإمكانات الخفية للأفراد ويطورها.
بعض الأمثلة على التفكير النقدي
– مقارنة نتائج إحدى الدراسات بأبحاث أخرى جارية وتحديد ما إذا كانت النتائج معقولة أم منحازة.
– تحليل منطق الحجة ودليلها وتحديد نقاط قوتها وضعفها.
– النظر في التفسيرات أو المنظورات البديلة لظاهرة أو قضية ما وموازنة إيجابياتها وسلبياتها.
– تطوير فرضية بناءً على المعرفة الموجودة واختبارها مقابل المعايير أو البيانات ذات الصلة.
نظرية التفكير النقدي وتاريخها
يُعتقد أن مصطلح “التفكير النقدي” تم صياغته لأول مرة من قبل جون ديوي في كتابه الصادر في 1910: كيف نفكر (3). قبل ذلك لم يتم استخدامه في مجال العلوم والمفهوم المماثل كان هو التفكير التأملي. ويعتبر جون ديوي من أوائل الفلاسفة والتربوين الذين استخدموا التفكير النقدي في التعليم، وهو الذي رسم أوجه تشابه بين ظروف التعلم والتواصل والتفكير التأملي، واقترح تطوير التفكير الانعكاسي (النقدي) كأحد أهم أهداف التعلم في التعليم.
يجب اعتبار الشرط الأساسي لظهور نظرية التفكير النقدي في الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين هو التوتر الاجتماعي وعدم الاستقرار المرتبط بالكساد الكبير والأزمة الاقتصادية العالمية. دفعت هذه الميزات الرئيسية بعض الفلاسفة وعلماء الاجتماع للبحث عن أفكار تحول الفلسفة إلى عملية نشطة وعملية تساعد الناس على البقاء في عالم سريع التغير.
من أهم أسباب ظهور نظرية التفكير النقدي أزمة التعليم وإصلاحاته. وهكذا، لم تعد أسئلة التفكير النقدي مسألة ذات أهمية حصرية للفلسفة.
تعتبر الفلسفة التحليلية للتعليم مهمة للغاية في صياغة وتطوير نظرية التفكير النقدي.
اشار عالم الاجتماع والفيلسوف وليام سومنر (4) إلى الحاجة العميقة للتفكير النقدي في الحياة والتعليم وضرورة تعليم التفكير النقدي والى إن تطوير الجوانب المنهجية الهامة لنظام تكوين مهارات التفكير النقدي مكرس لعمل المعلمين الأمريكيين، الذين بدأوا، تحت تأثير التفكير ما بعد الحداثي، في الحديث عن الحاجة إلى إجراء تغييرات في النظام التعليمي بأكمله، ولكن في عملية إنشاء وتطبيق نظريات وأساليب تدريس جديدة. ويشددون على أن مثل هذه الأساليب تهم الطلاب في عملية التعلم، وتكثف عملهم لتحقيق أهداف التعلم الخاصة بهم، ومراقبة وتقييم مستوى المعرفة لدى بعضهم البعض بشكل مستقل، وتوفر فرصة لتطوير مهارات التفكير النقدي والإبداعي.
لذلك، في أوائل الستينيات من القرن الماضي وفي الولايات المتحدة وإنكلترا، ظهرت فلسفة تحليلية للتعليم، أصلها أنظمة المثالية الألمانية التي تعود الى بداية القرن التاسع عشر.
بعد سقراط، كان كانط هو ثاني أهم شخصية في تاريخ الفلسفة، الذي يدين له جميع الفلاسفة الرئيسيين للعقلانية النقدية، على الرغم من نهجهم النقدي في التدريس. يتضمن التفكير النقدي لكانط أسئلة حول نظرية المعرفة في مجالات التعليم ونظرية المعرفة والدين. في تعاليمه حول المكان والزمان، اكتشف كانط أن المعرفة تتضمن أحكاما تحليلية (وصفية) وتركيبية (تفصيلية) كما هي التجريبية.
بدءا من الشك البشري فيما يتعلق باستحالة إثبات صحة المبدأ الاستقرائي، يعمم المذهب النقدي الكانطي “المشكلة الإنسانية” على الأسئلة: كيف يمكن العلم باستخدام الأحكام التركيبية “بداهة”؟ كيف يمكن تأكيد الأحكام المصطنعة من النوع “المسبق”؟
لعب كارل بوبر – عالم اجتماع نمساوي وبريطاني، أحد أكثر فلاسفة العلم تأثيرا في القرن العشرين، من أتباع فلسفة كانط، دورا مهما في تاريخ تطور التفكير النقدي. يمكن اعتباره بحق مؤسس المفهوم الفلسفي للعقلانية النقدية. ووصف موقفه كالتالي: “قد أكون مخطئا، قد تكون على صواب … لنحاول، قد نقترب أكثر من الحقيقة” (5).
اشتهر بوبر بأعماله في العلوم والاجتماع والفلسفة السياسية، حيث انتقد الفكر الكلاسيكي. بطريقة علمية دافع عن مبادئ الديمقراطية والنقد الاجتماعي ودعا إلى التمسك بها لجعل ازدهار مجتمع مفتوح ممكنا.
يشكل التواضع الفكري الأساس الأخلاقي لما يسميه بوبر “العقل السقراطي”، وهو مفهوم يصف العقل النقدي الذي يدرك حدوده وضعفه. لا يؤمن العقل النقدي بالعقل أو العلم كمصادر مطلقة للحقيقة ، ولا يتبع “الإرهاب العقلاني” أو التشبث بالمعتقدات دون تحليلها. بدلاً من ذلك، يتسم العقل السقراطي بالتشكيك والتحقيق والتجريب في كل ما يدعي أنه معرفة، ولا يقبل أي سلطة نهائية في الفكر.
وفقًا لبوبر، العقلاني هو الشخص الذي يرغب في التعلم من الآخرين من خلال السماح لهم بانتقاد أفكارهم الخاصة وبانتقاد أفكار الآخرين أنفسهم.
علم نفس التفكير النقدي
كنشاط معرفي وفكري، يعتمد التفكير النقدي على قواعد وتقنيات المنطق الرسمي وعلم النفس المعرفي وعلم نفس الإبداع ونظرية صنع القرار والممارسة الجدلية والبلاغة (6). يتجلى هذا النوع من التفكير في القدرة على التنبؤ بالمسار المحتمل للأحداث المستقبلية ومعرفة من خلال التحليل والمنطق وتعزيز الإيجابية ومنع النتائج السلبية للقرارات والإجراءات المتخذة. الشك المنهجي (ما هو معقول للشك) والعمل بالأفكار والأسئلة، والتعبير الواضح والعادل عن الفكر والبحث عن الأخطاء وتحديد درجة المخاطرة في المواقف المختلفة – هذه كلها أسس التفكير النقدي، والآلية الرئيسية هنا هي العلاقة بين الفكر والمعرفة.
على سبيل المثال، تشير عالمة النفس ديان هالبرن في كتابها علم النفس للتفكير النقدي (7): “نحن نتحدث عن نوع من التفكير يسمح لنا باستخدام المعرفة المكتسبة سابقا لإنشاء معارف جديدة. لا توجد معرفة موجودة بشكل مستقل – بل هي نتاج إبداع البشر. التفكير النقدي – الذي يتطلب استخدام المعايير التقييمية بشكل منطقي – تم بناؤه على أساس التفكير الناقد للمفكرين السابقين. ماذا لو؟ … هو السؤال الأساسي للتفكير النقدي ويشير إلى القدرة على تكوين وجهة نظر حول قضية معينة والدفاع عن وجهة النظر هذه بالحجج المنطقية. يتطلب هذا النوع من التفكير الانتباه إلى حجج الخصم وفهمها المنطقي.
انماط ومهارات التفكير الاخرى
بالرغم من وجود اشكال عديدة للتفكير من حيث التعريفات والأهداف والمهارات والمجالات الا اننا يمكن اجمالها بالاضافة الى التفكير النقدي في الانماط او المهارات التالية:
التفكير العلمي هو التفكير في محتوى العلم ومجموعة العمليات المنطقية التي تتخلله. يتطلب القدرة على استخدام المنهج العلمي والتجربة والملاحظة والاستنتاج. هدفه هو اكتشاف القوانين والنظريات التي تحكم الظواهر الطبيعية والاجتماعية. يحتاج إلى مهارات مثل التحقيق والابتكار والتخطيط والتوثيق والتعاون. يستخدم في مجالات مثل العلوم الطبيعية والرياضيات والهندسة وغيرها.
التفكير الخلاق هو التفكير في إنشاء أو ابتكار شيء جديد أو مفيد أو جذاب. يتطلب القدرة على استخدام الخيال والابداع والانحراف عن المألوف. هدفه هو حل المشكلات بطرق غير تقليدية أو توليد فرص جديدة أو تحسين المنتجات أو الخدمات. يحتاج إلى مهارات مثل التخيل والابتكار والانسجام والانشاء. يستخدم في مجالات مثل الفنون والإعلام والإعلانات وغيرها.
التفكير المجرد هو نوع من التفكير الذي يتعامل مع المفاهيم والأفكار التي ليست مرتبطة بالواقع الملموس. يتطلب هذا النوع من التفكير القدرة على استخدام الخيال والمنطق والتحليل لفهم وحل المشكلات المعقدة. بعض الأمثلة على المفاهيم المجردة هي الحب، والحرية، والخيال، والنجاح، والسعادة، وغيرها. وهو مهارة أساسية للتفكير النقدي وحل المشكلات. يستخدم هذا النوع من التفكير في مجالات مختلفة مثل الرياضيات، والفلسفة، والعلوم، والفن، وغيرها.
التفكير الملموس هو أحد أنواع التفكير الذي يتناول الواقع بعين الحواس دون أي إضافات أو اعتبار لكون مفاهيم هذا الواقع قد تكون جزء من مفاهيم أكبر أو تأخذ معان متعددة بل يفهمها في إطار التفسيرات الدقيقة للمعطيات المادية الملموسة الموجودة ودون الحاجة إلى الرموز والمفاهيم المطلقة.
التفكير التقاربي هو عملية إيجاد أكثر خيار سليم أو منفرد لمشكلة أو سؤال معين، مثل الحصول على إجابة سؤال الاختيار من متعدد أو معرفة كيفية تقويم وتعديل سلوكيات غير سليمة الخاصة بالفرد. ويشير إلى القدرة على وضع عدد من القطع أو وجهات النظر المختلفة لموضوع ما معا بطريقة منظمة ومنطقية للعثور على إجابة واحدة.
إذا، يمكننا رؤية أن أنواع التفكير تتشابه في بعض الجوانب، فجميعها تستند إلى المنطق، وتسعى إلى تحقيق أهداف محددة، وتستخدم في مجالات مختلفة من المعرفة. كما أن لها بعض الاختلافات، فكل منها يركز على جانب معين من التفكير، سواء كان تحليليا أو استقصائيا أو خياليا، ويتطلب مهارات وأساليب مختلفة. كما أن هناك بعض التداخلات بينها، فالتفكير العلمي يحتاج إلى التفكير النقدي لفحص النظريات والتفكير الخلاق لابتكار الحلول، والتفكير الخلاق يحتاج إلى التفكير النقدي لتقييم الأفكار والتفكير العلمي لتطبيقها.
خصائص التفكير النقدي
يمتلك المفكرون الناقدون العديد من السمات الإيجابية التي تساعدهم على تعلم معلومات جديدة وفهم المفاهيم المعقدة واتخاذ قرارات أفضل. بعض الخصائص الرئيسية للتفكير النقدي (1):
– الفضول: المفكرون الناقدون حريصون على تعلم أشياء جديدة واستكشاف وجهات نظر مختلفة. يطرحون أسئلة لتوضيح فهمهم وتحدي افتراضاتهم. التساؤل هو المحرك الرئيسي للتفكيرلذلك فأن طرح الأسئلة هو الذي يضفي على التفكير حيويته.
– التراحم: المفكرون الناقدون يتعاطفون ويحترمون آراء الآخرين ومشاعرهم. يحاولون فهم الأسباب الكامنة وراء آراء الآخرين وأفعالهم ، وتجنب إصدار أحكام متسرعة.
– التواصل: يستطيع المفكرون الناقدون التعبير عن أفكارهم بوضوح ومنطقية. يستمعون بنشاط للآخرين ويستجيبون بشكل بناء. كما أنهم يسعون للحصول على تغذية راجعة لتحسين تفكيرهم.
– الإبداع: المفكرون الناقدون مبدعون ومبتكرون. يبحثون عن طرق جديدة لحل المشاكل وتوليد أفكار جديدة. إنهم لا يخشون المخاطرة وتجربة الأساليب المختلفة.
– المرونة: المفكرون الناقدون قادرون على التكيف ومنفتحون على التغيير. هم على استعداد لمراجعة آرائهم ومعتقداتهم بناءً على أدلة أو حجج جديدة. إنهم لا يتشبثون بمفاهيم أو عقائد مسبقة.
– التواضع: المفكرون الناقدون على دراية بحدودهم وانحيازهم. يعترفون بأخطائهم ويتعلمون منها. إنهم لا يدعون أنهم يعرفون كل شيء أو لديهم الإجابة النهائية.
– الاستعداد: المفكرون الناقدون لديهم الحافز والتصميم على التفكير النقدي. لديهم موقف إيجابي تجاه التعلم والتحسين. إنهم لا يخجلون من التحديات أو الصعوبات.
التفكير النقدي هو مهارة قيمة يمكن أن تعزز العلاقات الشخصية والمهنية. يمكن أن يساعدنا أيضًا على تحقيق النجاح في جميع مجالات حياتنا. من خلال تطوير خصائص التفكير النقدي هذه، يمكننا أن نصبح أكثر فاعلية في التعلم وحل المشكلات وصنع القرار والاتصال.
ادوات التفكير النقدي
أدوات التفكير الناقد هي الأساليب والتقنيات التي تساعد في تطوير وتحسين مهارات التفكير الناقد، والتي تمكن من تحليل وتقييم المعلومات والحجج بشكل منطقي وموضوعي. بعض هذه الأدوات هي:
-الرسوم التخطيطية: تساعد في تحديد المشكلة أو الموقف والعوامل المؤثرة عليه، وتنظيم الأفكار والأدلة بشكل هرمي.
-الخرائط الذهنية: تساعد في رسم الفكرة المركزية والأفكار الفرعية والروابط بينها بشكل مرئي، مما يسهل فهمها وحفظها.
-تدوين الملاحظات : يساعد في جمع وتخزين المعلومات المرتبطة بالمشكلة، وإضافة الصور أو الفيديو أو الروابط إذا لزم الأمر.
-الاستنتاج: هو القدرة على الوصول إلى نتائج مقترحة أو بدائل ممكنة لحل المشكلة.
-التفسير: هو مهارة توضيح طبيعة المشكلة وتحليلها بطريقة مبسطة.
-الاستدلال: هي مهارة البحث عن الدلائل التي تدعم أو تنفي الأفكار أو الحجج.
-التقويم: هو التأكد من صحة وقابلية التنفيذ للحلول المقترحة.
ما هي مهارات التفكير الناقد؟
مهارات التفكير الناقد هي مجموعة من المهارات التي تساعد الشخص على تحليل وتقييم المعلومات والأفكار والحجج بطريقة منطقية وموضوعية ونقدية. هذه المهارات تمكن الشخص من اتخاذ قرارات سليمة وحل المشكلات بفعالية.
لا يوجد عدد محدد أو ثابت لمهارات التفكير الناقد، لكن بشكل عام يمكن تصنيفها إلى مهارات نظرية ومهارات عملية (1 و 7).
المهارات النظرية هي تلك التي تتعلق بالقدرة على فهم وتفسير وتحليل واستدلال وتقويم المعطيات والأدلة والحجج المطروحة في موضوع ما. بعض أمثلة هذه المهارات هي:
-الاستنتاج: هو القدرة على الوصول إلى نتائج مقترحة أو بديلة اعتماداً على المعطيات المتاحة.
-التفسير: هو القدرة على شرح وتوضيح طبيعة ومغزى المشكلة أو المسألة بطريقة مبسطة وواضحة.
-التحليل: هو القدرة على تفكيك المشكلة أو المسألة إلى جزئياتها والبحث عن العلاقات والأنماط والأسباب والآثار بينها.
-الاستدلال: هو القدرة على استخدام المنطق والبراهين لإثبات أو دحض فرضية أو حجة ما.
-التقويم: هو القدرة على تحديد مدى صحة وموضوعية وجودة المعطيات والأدلة والحجج المستخدمة في حل المشكلة أو المسألة.
المهارات العملية هي تلك التي تتعلق بالقدرة على تطبيق وتنفيذ وإظهار مهارات التفكير الناقد في مواقف حقيقية. بعض أمثلة هذه المهارات هي:
-البحث: هو القدرة على استخلاص المعلومات من مصادر مختلفة وتحديد مصداقيتها وأهميتها للمشكلة أو المسألة.
-الفضول: هو القدرة على طرح الأسئلة التي تساعد على استكشاف وفهم المشكلة أو المسألة بشكل أعمق.
-الابتكار: هو القدرة على ابتكار حلول جديدة أو مبتكرة للمشكلة أو المسألة باستخدام الخيال والإبداع.
-التعاون: هو القدرة على التفاعل والتواصل والتشاور مع الآخرين لتبادل الآراء والخبرات والمعلومات المتعلقة بالمشكلة أو المسألة.
-النقد البناء: هو القدرة على تقديم واستقبال ملاحظات وتعليقات تهدف إلى تحسين وتطوير الحلول المقترحة للمشكلة أو المسألة.
الوضع الحالي للتفكير النقدي في التعليم العالي العراقي
للأسف، تظهر المشاهدات ثلاث حقائق مزعجة، لكنها بالكاد تكون جديدة:
-يفتقر معظم أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وعلى جميع المستويات إلى مفهوم جوهري للتفكير النقدي.
-لا يدرك معظم أعضاء هيئة التدريس أنهم يفتقرون إلى مفهوم جوهري للتفكير النقدي، ويعتقدون أنه ليس مهما طالما “يفهم” الطلاب الدرس.
-المحاضرة، والحفظ عن ظهر قلب، وعادات التذكر قصيرة المدى لا تزال هي القاعدة في التدريس الجامعي والتعلم اليوم.
تمثل هذه الحقائق الثلاثة مجتمعةً عقبات خطيرة أمام الإصلاح المؤسساتي الأساسي وطويل المدى، فلا يمكن تبديل طرق التدريس الا عندما تستند اهداف ومخارج التعلم والاختبارات على تحقيق مضامين التفكير النقدي وسيتم تحقيق ذلك فقط عندما يدرك المسؤولون وأعضاء هيئة التدريس طبيعة ومضمون وقوة مفهوم التفكير النقدي، وكذلك عند اكتساب نظرة ثاقبة إلى السلبيات والآثار المترتبة على فقدانه، ويبقى السؤال المهم بدون إجابة وهو هل هم قادرون على تحقيق اصلاح اكاديمي فعال؟ فعندما يكون لدى أعضاء هيئة التدريس فكرة غامضة عن التفكير النقدي، أو اختزاله إلى نموذج تخصص واحد (كما هو الحال في تدريس التفكير النقدي من خلال نموذج “المنطق” أو “مهارات الدراسة”)، فإنه يعوق قدرتهم على تبديل طرق تدريسهم، أو الى زيادة ممارسات التدريس والتعلم الفعالة.
يمكن الحكم على مناهج التعليم العراقية من خلال نتائج الامتحانات. قد يبدو هذا غريبا بالنسبة للمناهج المعتمدة على الحفظ والتلقين، لكن بالاطلاع على توزيع الدرجات النهائية لامتحانات البكلوريا الإعدادية يمكن لنا من تقييم اهتمام المنهج بالتفكير النقدي (بغير قصد) وعلى قدرة الطالب في استخدام مجموعة من المهارات المنطقية لتقييم المعلومات المعطاة وإصدار الحكم. تُظهر نتائج الامتحانات توزيعا غير معياريا منحرفا نحو الدرجات العليا للطلبة في الفرع الاحيائي وفيه تظهر نسب عالية جدا للدرجات الأعلى من 90% فما فوق. ويظهر توزيع درجات الفرع التطبيقي اكثر اقترابا من التوزيع المعياري. على عكس نتائج الفرع الاحيائي يظهر توزيع درجات الفرع الادبي توزيعا معياريا مناسبا. فما هو السبب؟ مناهج الفرع الاحيائي وطرق التدريس منحازة نحو تعليم الحقائق، والامتحانات تتطلب من الطالب النقل الالي للمعلومات التي احتواها المقرر الدراسي والذي وجب على الطالب تعلمه مما يؤدي الى التركيز على كمية المعلومات التي يتضمنها الكتاب التدريسي، وهذا الأسلوب يؤدي الى ظهور نسب متساوية لجميع الطلبة الممتحنين. ولكن كما يبدو فان معدلات الفرع الادبي تعكس قبول الممتحن لما يتوصل اليه الطالب من استنتاج خاص من خلال إعداد موقفه الشخصي على قضية تطرحها الأسئلة، وعلى قبول التفكير النقدي للطلبة او شاكله من حيث ان الممتحن لا يقبل البيانات فقط وانما يبحث على روابط منطقية بين الأفكار ويحترم التفسيرات البديلة.
هل من تمايز في مهارات التفكير النقدي بين الطلاب في العالم؟
هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على الاختلاف في التفكير النقدي بين الطلاب العراقيين والعرب من جهة والطلاب الأوروبيين من جهة اخرى، مثل خلفيتهم الثقافية ونظامهم التعليمي وكفاءة اللغة والمعتقدات الدينية، وما إلى ذلك. لذلك، من المهم لنا تجنب التعميمات أو الصور النمطية حول أي مجموعة من الطلاب.
تتمثل إحدى الطرق الممكنة لمقاربة هذا السؤال في إلقاء نظرة على بعض الدراسات التي استكشفت أصول التدريس وممارسة التفكير النقدي في سياقات مختلفة. على سبيل المثال، حللت إحدى الدراسات وجهات نظر الشباب المسلم في هولندا الذين التحقوا بالتعليم الإسلامي غير الرسمي (NFIE) الذي قدمته المساجد أو المنظمات الخاصة (8). وجدت الدراسة أن التفكير النقدي كان غائبا إلى حد كبير في NFIE، وكانت هناك فرص محدودة للطلاب للتفاعل أو السؤال أو النقاش أو تحدي سلطة المعلمين الدينيين أو النصوص الإسلامية. حددت الدراسة أيضا بعض التحديات والعوائق التي تحول دون دمج التفكير النقدي في NFIE، مثل النهج التربوي التقليدي وتثبيط مواقف المعلمين والأقران ونقص إتقان اللغة وصغر سن المتعلمين والنقص الملحوظ في الحاجة إلى المداولات النقدية. اقترحت الدراسة أن إصلاح أصول التدريس في NFIE للسماح بمزيد من التعلم الانعكاسي والفضولي والحواري من شأنه أن يفيد الشباب المسلم في أوروبا.
أجرى جون دوركين (9) بحثا حول مهارات التفكير النقدي لطلاب جنوب آسيا الذين ذهبوا إلى المملكة المتحدة من أجل التعليم العالي. وخلص إلى أن هؤلاء الطلاب يميلون إلى الاتفاق مع آراء معلميهم، حتى عندما يرون أن المحاضرات تم تصميمها بطريقة تشجع النقاش والجدل. يوضح دوركين أن هذا السلوك يتم غرسه في التلاميذ منذ صغرهم كقاعدة ثقافية فالدخول في جدال لم يكن يعتبر غير مناسب فحسب، ولكن أيضا لم يكن هناك مجال للخلاف (لأن المعلم في الجزء الخاص بهم من العالم كان يُعتبر مثالا للمعرفة). أجرت سعيد شاهين (10) بحثا مشابها حيث ذكرت أن الطلاب الباكستانيين في المملكة المتحدة عانوا من اتباع نهج أكاديمي في التفكير النقدي لم يكونوا على دراية به لأنه كان يفتقر إلى ثقافتهم. وقد انعكس هذا أيضا في مهاراتهم الكتابية التي كانت قاصرة في التعبير عن الذات والإبداع. في باكستان كما هو في العراق، يعتبر التعلم عن ظهر قلب أيضا القاعدة. ولا يتم دعم أهمية التفكير النقدي في التعليم العالي والدراسات العليا والبحث بالرغم من انه متفق عليه في الدول الغربية ان البحث يزدهر بشكل أفضل عندما تكون هناك مجموعة من الباحثين او المفكرين النقديين يمكن للمرء التفاعل معها. ويبدو أيضا أن أحد أساسيات الجامعة المثالية هو وجود مجموعة من المفكرين الناقدين المشاركين في أبحاث الدرجة الأولى، والتي تشمل كل مجال يمكن تصوره. ومع ذلك، لا يبدو لي ان أي جامعة في العراق تنتهج مثل هذا النهج فالطلاب ليس على دراية بالأسئلة التي تلبي مهارات التفكير النقدي لديهم ولا يرتاحوا لمناقشة الافكار المجردة ولا الى الاسئلة التي تحتوي على مصطلحات مثل “المقارنة والتباين” و”التوضيح” و “دعم الحجة” و “تحليل” و “تقييم نقدي”. وينتابهم القلق من هذا النوع من الأسئلة لأنهم لم يتعودوا على هذا الأسلوب في المحاضرات.
هذه بعض الامثلة على الاختلافات في التفكير النقدي وممارسته في سياقات مختلفة. قد يكون هناك العديد من الاختلافات والتشابهات الأخرى بين الطلاب من خلفيات ثقافية واجتماعية مختلفة من حيث قدرات التفكير النقدي لديهم. باختصار، التفكير النقدي ليس مهارة ثابتة أو عالمية، ولكنه مهارة ديناميكية وسياقية يمكن تطويرها وتحسينها بمرور الوقت.
بدلا من الإجابة على هذا السؤال بطريقة نظرية، يمكننا أيضا الاستفادة من بعض الأمثلة العملية عن كيفية تطبيق التفكير النقدي في بيئات التعلم المتنوعة. فمثلا، في إحدى محاضرات Technology, Entertainment, Design (TED)، شارك محمد الجناحي (11)، وهو مدرس وشاعر قطري، تجربته في استخدام الشعر والفن والموسيقى لتدريس اللغة العربية والرياضيات لطلابه. وأكد على أن الشعر هو وسيلة فعالة لتنمية مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب في جميع المواد، لأنه يمكنهم من التواصل مع مشاعرهم وسردها والتأمل في القضايا وإحداث تغيير. كما ذكر كيف اتبع نهجا تعليميا يستند إلى الغوص في الثقافة والفن، مستلهما من تراث الشعر والأدب العربي.
اهمية التفكير النقدي في البحث العلمي
التفكير النقدي هوأسلوب تفكير تأملي وتحليلي يتضمن طرح الأسئلة وتقييم الأدلة وتحدي الافتراضات. إنه ضروري للبحث العلمي لأنه يساعد الباحثين على إنشاء الفرضيات واختبارها وتجنب التحيز والأخطاء وإنتاج معرفة موثوقة وصحيحة. ادناه بعض الأمثلة على مدى أهمية التفكير النقدي في البحث العلمي:
– يساعد التفكير النقدي الباحثين على تصميم دراسات صارمة وأخلاقية تعالج أسئلة البحث ذات الصلة وتستخدم الأساليب المناسبة وتقنيات تحليل البيانات.
– يساعد التفكير النقدي الباحثين على التقييم النقدي للمصادر وتحديد ما إذا كانت خالية من التحيز البحثي، وتقديم أدلة لدعم النتائج التي توصلوا إليها، والنظر في وجهات النظر البديلة.
– يساعد التفكير النقدي الباحثين على تفسير النتائج وإيصالها بطريقة واضحة ودقيقة، مع الاعتراف بالقيود والآثار المترتبة على أبحاثهم.
لذلك ، فإن التفكير النقدي هو مهارة حيوية للبحث العلمي تمكن من صنع الاكتشافات والابتكارات وتعزيزها.
التفكير النقدي والبحث العلمي في العراق
في السنوات الاخيرة، زادت الجامعات العراقية إنتاجيتها البحثية بشكل كبير، كما يتضح من الزيادة من 840 مقالة بحثية منشورة في 2010 إلى 12821 في 2019 وبلغت عددها منذ 1996 الى 2019 ب 41489 (12) أجريت تحليلاً علميا لمخرجات البحث في الدول العربية واكتشفت أن جميع الدول العربية تسير على طريق زيادة الكم وأن إنتاجها البحثي في ارتفاع مستمر. ارتفعت عدد البحوث في العراق نتيجة زيادة عدد طلبة الدراسات العليا وربط ترقية أعضاء هيئة التدريس بناءً على عدد المنشورات، واشتراط نشر الأوراق البحثية لمنح درجة الماجستير او الدكتوراه. على الرغم من أن مثل هذه السياسات قد ساعدت في زيادة عدد المقالات البحثية المنشورة سنويا، إلا أن جودة هذه المنشورات لا تزال موضع شك. حيث يبدو ان 80٪ من هذه الأبحاث لا تستوفي المعايير العالمية، بمعنى آخر، تنشر بحوث تفتقر إلى الجودة ذات الصلة. يتم تعريف البحث الجيد هنا على أنه شيء يضيف إلى المعرفة العالمية من خلال طرح أسئلة مهمة تم اختبارها تجريبياً. يؤثر هذا البحث على المجتمع إما بشكل مباشر أو غير مباشر مما يجعله ذات أهمية عالمية. وفقا لموقع سيماغو، يتبوأ العراق المرتبة 13 بالنسبة لجودة البحوث بين جميع دول منطقة الشرق الأوسط والبالغة عددها 16. وبالمثل، يبدو أن الأوراق التي تم الاستشهاد بها بشدة من العراق لا تضعه الا في المرتبة الأخيرة.
ويبدو لي ان فعالية انتاج البحوث من قبل طلبة الدراسات العليا مشكوك فيها، الامر الذي يشير إلى أن التعليم العالي في العراق لا يمكن تحسينه حتى يتم تحسين التعليم قبل الجامعي (وهو أساس التعليم الجامعي) بشكل كبير. وارى أنه على الرغم من توسيع القاعدة في التعليم العالي، إلا أنه لا يمكن الحصول على نتائج مثمرة ما لم يتغير نظام التعليم على مستوى المدرسة. إن مجرد زيادة عدد الملتحقين في الدراسات العليا وتوفير الحوافز دون التدريب اللازم للباحثين قد يضر أكثر مما ينفع.
من أجل الوصول إلى التميز، من المهم أن يغرس في الطلاب مهارة القرن الحادي والعشرين الأساسية للغاية في التفكير النقدي. وهو “عملية منضبطة فكريا لتصور المعلومات وتطبيقها وتحليلها وتوليفها و/أو تقييمها بفاعلية ومهارة جمعت من، أو تولدت عن طريق الملاحظة او الخبرة او التفكير او المنطق أو التواصل” (13).
ومع ذلك، وعلى العكس، لا يمكن لنا اكتشاف مهارة التفكير النقدي في أي مكان في وثائق او استراتيجيات او سياسات التربية والتعليم في العراق، وبالتالي، فإن تطوير عقل تفكير يتمتع بخصائص كونه موجها للبحث والإبداع، دون التركيز على تطوير مهارات التفكير النقدي يبدو وكأنه فكرة بعيدة المنال.
أوافق على أن نقص التمويل والفساد السياسي والاداري قد يكون جزءً كبيرا من المشكلة بالنسبة للعراق، لأنه من خلال زيادة اعداد طلبة الدراسات العليا والبعثات، تمكن العراق من تحقيق نمو مطرد في عدد المقالات البحثية المنشورة سنويا. لكن تظل الحقيقة أن 80٪ من الأبحاث تفتقر إلى الجودة وبالتالي فإن الدراسات العليا قد تكون عديمة الجدوى. يبدو أن هناك مشكلة لا يمكن لزيادة العدد والتمويل حلها: هذه الحقيقة تؤدي إلى عدم إصدار منشورات بحثية مؤثرة. أنا أرى أن العمل البحثي الجيد لا يمكن تحقيقه إلا إذا تم تعليم الباحثين (وجميع افراد المجتمع) التفكير بشكل نقدي.
هل يمكن ان يكون الشخص مثقفا بدون القابلية على التفكير النقدي؟
لا، لا يمكن وصف أي شخص بأنه مثقف دون امتلاك القدرة على التفكير النقدي، حيث يعتبر التفكير النقدي مكونا أساسيا من عناصر الفكر لأنه يشير إلى مهارة التحليل والتقييم الموضوعي للمعلومات والأفكار والحجج. وهو ينطوي على التشكيك في الافتراضات وفحص الأدلة والنظر في وجهات النظر المختلفة وإصدار أحكام مستنيرة. يمتلك المثقف عادةً مهارات قوية في التفكير النقدي، مما يسمح له بالمشاركة في التفكير المنطقي والتحليلي والمدروس. بدون القدرة على التفكير النقدي، قد يمتلك المرء المعرفة أو المعلومات، لكنهم سيفتقر إلى عمق الفهم والقدرة التحليلية التي تعتبر أساسية للفكر.
تتطلب عقلية المثقف الواعي التعامل بموضوعية مع جميع وجهات النظر، دون الانسياق لمشاعره أو مصالحه الشخصية. وتقوم على إدراك حقيقة أننا، بطبيعتنا، نميل إلى التحيز لآراء الآخرين، وتصنيفها إلى فئات (متفقة معنا) و (مختلفة عنا). نحن نميل إلى إهمال الآراء المخالفة مقارنة بآرائنا.
يتمتع المثقف النقدي بالصفات التالية:
التواضع الفكري
إدراك تحيزات الفرد وحدود وجهة نظره ومدى جهله. على سبيل المثال ، يفكر العديد من الناس بقيمهم التي تفوق قيم وعادات غيرهم. فهمهم لمفاهيم مهمة في العلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية تختلف عن الاقوام الاخرى.
الشجاعة الفكرية
الوعي بالحاجة إلى مواجهة ومعالجة الأفكار أو المعتقدات أو وجهات النظر بشكل عادل والتي يكون لدى المرء مشاعر سلبية قوية تجاهها والتي لم يسمعها الشخص بجدية. الاعتراف بأن الأفكار التي يعتبرها المجتمع خطيرة أو سخيفة أحيانا ما تكون مبررة بشكل عقلاني – كليا أو جزئيا.
التعاطف الفكري
الوعي بضرورة أن يضع المرء نفسه بشكل خيالي في مكان الآخرين حتى يفهمهم حقا. لفهم سلوكيات الآخرين ونواياهم بشكل شامل، يحتاج المثقف إلى اكتساب القدرة على أخذ وجهة نظر الاخرين في موضوعاتهم.
النزاهة الفكرية
الاعتراف بالحاجة إلى أن يكون المرء صادقًا مع تفكيره وأن يلتزم بنفس المعايير التي يتوقع المرء أن يفي بها الآخرون. كما يعني أيضًا الاعتراف بأمانة بالتناقضات في فكر الفرد وأفعاله. على سبيل المثال، اصبح الفساد والغش أمرًا منتشرا في المجتمع. ماذا ان يكون المثقف فاسدا؟ يتطلب قبول أوجه القصور في تفكير المرء نفس القدر من الشجاعة التي تتطلبها المعالجة العادلة لوجهات النظر التي يختلف معها المرء بشدة.
المثابرة الفكرية
الميل إلى العمل من خلال التعقيدات الفكرية على الرغم من الإحباط المتأصل في المهمة. إجابات على القضايا الصعبة، أو عندما تظل تلك الإجابات غامضة.
حرية العقل
الاعتقاد بأن المصالح العليا للفرد ومصالح الجنس البشري بشكل عام ستخدم على أفضل وجه من خلال منح العقل الحرية، من خلال تشجيع الناس على التوصل إلى استنتاجاتهم الخاصة من خلال تطوير ملكاتهم العقلانية: الإيمان بأنه، مع التشجيع المناسب، يمكن للناس أن يتعلموا التفكير بأنفسهم. الثقة في العقل هي أيضا الثقة في الآخرين. إنه مبدأ تربوي. إن تجربة الحرية والتشجيع لحل المشكلات بطريقة الفرد الخاصة يساعد على خلق نضج فكري. وهذا يشمل حرية المرء في ارتكاب الأخطاء والتعلم منها.
الاستقلالية الفكرية
دافع داخلي يقوم على فكرة التفكير الذاتي، امتلاك قابلية ذاتية عقلانية لمعتقدات الفرد وقيمه وطريقة تفكيره، عدم الاعتماد على الآخرين في التوجيه والتحكم في تفكير المرء. التفكير النقدي يضع المثقف في السيطرة وتجعله مسؤولا عن التعلم الخاص به.
اخيرا، دعني اقترح بعض الخطوات التي يمكنها ان تساعدك في استخدام التفكير النقدي في حل المشكلات واتخاذ القرار:
حدد المشكلة أو الهدف بوضوح ودقة.
اجمع المعلومات ذات الصلة من مصادر متعددة.
حدد الافتراضات والآثار والنتائج المترتبة على المشكلة أو الهدف.
قم بتقييم المعلومات للتأكد من دقتها وأهميتها واكتمالها.
قم بتوليد الحلول أو البدائل الممكنة بناءً على المعلومات.
قارن بين الحلول أو البدائل باستخدام معايير مثل الجدوى والفعالية والأخلاق.
اختر أفضل حل أو بديل بناءً على المعايير والأدلة.
تنفيذ الحل أو البديل ومراقبة النتائج.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
1- Paul, R., & Elder, L. (2006). Critical Thinking: What It Is and Why It Counts (2nd ed.). New York: Pearson.
2- Bloom, P. (2011). Critical Thinking: A Guide to Evaluating Information. W.W. Norton & Company.
3- Critical thinking: Definition, History, Criticism, & Skills. https://www.britannica.com/topic/critical-thinking
4- W. G. Sumner (1906). Folkways: A Study of the Sociological Importance of Usages, Manners, Customs, Mores, and Morals. New York: Ginn and Company
5- Karl Popper (1945) The Open Society and Its Enemies. https://www.goodreads.com/author/quotes/349707.Karl_Popper
6- Sternberg, R. J., Roediger III, H. L., & Halpern, D. F. (Eds.). (2007). Critical thinking in psychology. New York: Cambridge University Press.
7- Halpern, D. F. (2014). The psychology of critical thinking (5th ed.). New York, NY: Psychology Press.
8- Kılıç, S. & Öztürk, M. (2022). Critical thinking skills among Dutch Muslim youth: The role of non-formal Islamic education. Journal of Applied Research in Education, 28(2), 125-144.
9- Dorkin, J. (2008). The development of critical thinking skills in international students: A case study of students from South Asia studying in the UK. Higher Education, 55(6), 689-706.
10- Shaheen, S. (2012). Critical thinking skills of Pakistani students studying in the UK: A case study. Journal of Studies in International Education, 16(2), 173-191.
11- Al-Janahi, M. (2021, March 17). The power of poetry to teach math and Arabic. TEDx Talks.
12 – محمد الربيعي (2015) حقيقة الواقع العلمي العراقي.
https://akhbaar.org/home/2015/2/185089.html
13- مهارات من أجل تحسين الإنتاجية ونمو العمالة والتنمية (2008). مؤتمر العمل الدولي، الدورة 97. اصدار: مكتب العمل الدولي، جنيف