ثلاثة نصوص.. بقلم إرنستو تشي غيفارا
اختيار وإعداد الغزالي الجبوري
ت: من الإسبانية أكد الجبوري
نقدم لكم ثلاثة نصوص كتبها المقاتل الأرجنتيني الأسطوري.إرنستو تشي غيفارا (1928-1967)
1- أردت أن آخذه في حقيبتي…
أردت أن أحمل في حقيبتي
طعم أحشائك العابر
فيبقى في الهواء٬ دائريًا ومؤكدًا،
إهانةً لرجولتي أملي.
أنا بالفعل أمشي على دروبٍ أطول من
ذاكرة
مع عزلة مزار الطهارة المنعزلة
للطاهر،
ولكن، دائريًا ومؤكدًا، بجانبي
شيءٌ ما يُحدد إيقاع مصيري.
عندما تنتهي كل الأيام
لم يعد لدي مستقبلًا مفتوحًا
من الدرب،
سأعود لأزهر من جديد في نظرتك
تلك البسمة المبتسمة من مصيري.
سأرحل على دروبٍ أطول من الذاكرة
أربط الوداع في مجرى الزمن.
2- هكذا في هذا اليوم…
هكذا في هذا اليوم، بيدٍ مرتعشة
أضع منشوري على سجلٍّ غامض.
بطعم الفاكهة المعلّبة الغريب
قبل أن تنضج الشجرة.
أحيانًا لا أسمع نداءها
من برجي المجنح كرجل عجوز وحيد،
لكن هناك أيام أشعر فيها بيقظة شبقية
وأذهب إلى الأنثى، أتوسل قبلة؛
وأعلم حينها أنني لن أقبل الروح أبدًا
من لا يناديني بالرفيق…
أعلم أن عطور القيم النقية
ستملأ عقلي بأجنحة خصبة،
أعلم أنني سأتخلى عن ملذات اللاأدرية،
وأفكار الجماع دون وظائف عملية.
أعلم أنه في يوم القتال حتى الموت،
ستسند أكتاف الشعب كتفي،
وأنني إن لم أرَ النصر الكامل
للقضية التي يقاتل من أجلها الشعب،
فذلك لأني سقطت في النضال
لإيصال الفكرة إلى غاية سامية،
أعلم ذلك بيقين الإيمان الذي يولد
بنزع القشرة القديمة عن الريش.
3- ماريا العجوز
ماري العجوز، سوف تموت،
أريد أن أتحدث إليكِ بجدية:
كانت حياتكِ مسبحة مليئة بالألم،
لم يكن هناك رجل محبوب، ولا صحة، ولا مال،
فقط جوع يُشارك؛
أريد أن أتحدث عن أملكِ،
عن الآمال الثلاثة المختلفة
تلك التي صنعتها ابنتكِ دون أن تدري.
خذي يد هذا الرجل التي تبدو كطفلة
في يدكِ المصقولة بصابون الغار الأصفر.
افركي مسامير اقدم الصلبة ومفاصلكِ النقية
برفق يدي الطبية الهادئة.
اسمعي يا جدة البروليتاريا:
آمني بالرجل القادم،
آمني بالمستقبل الذي لن ترينه أبدًا.
لا تصلي للإله القاسي
الذي لايرحم
الذي كذب عليكِ طوال حياتكِ.
لا تطلبي الرحمة من الموت
ليشهد على رؤية مداعباتكِ السمراء تنمو؛
السماوات صماء والظلام يسود عليكِ؛
فوق كل شيء، ستُصابين بثأرٍ أحمر،
أقسم بالبُعد الدقيق لمُثُلي العليا.
سيعيش أحفادك جميعًا ليروا الفجر،
موتي بسلام، أيتها المُقاتلة العجوز.
ستموتين يا ماريا العجوز؛
ثلاثون مشروعًا للكفن
سيودعونك بنظراتهم،
لحظة رحيلك.
سوف تموتين يا ماريا العجوز؛
ستبقى جدران غرفة المعيشة صامتة
عندما يمتزج الموت بالربو
ويُضجّون حبهم في حلقك.
تلك المداعبات الثلاث المصنوعة من البرونز
(النور الوحيد الذي يُهدئ ليلك)،
هؤلاء الأحفاد الثلاثة الذين يرتدون ملابس الجوع،
سيشتاقون إلى عقد الأصابع العجوز
حيث وجدوا دائمًا ابتسامة.
هذا كل شيء يا ماريا العجوز.
كانت حياتكِ مسبحة من العذابات الهزيلة،
لم يكن هناك رجل محبوب، ولا صحة، ولا فرح،
لا شيء سوى الجوع القاسم المشترك
ليُشارك،
حياتكِ كانت حزينة يا ماريا العجوز.
عندما يُغيّم إعلان الراحة الأبدية الألم
في عينيك،
عندما تفرك يديك باستمرار،
وتمتصّ آخر لمسة ساذجة،
تفكري فيهما… وتبكي،
يا ماريا المسكينة.
لا، لا تفعلي!
لا تصلّي للإله الكسول
الذي غرر فيك طوال حياتك،
ولا تطلبي الرحمة من الموت،
لقد كانت حياتك كانت مليئة بالجوع
رهيبة بشكل مُريع،
حين تنتهي مُغطّاة بالربو.
لكنني أريد أن أُعلن لكِ،
بصوت أمل خافت ورجولي،
أشدّ الانتقامات رجولةً وحمرةً من الأمل،
أقسم بالبُعد الدقيق لمُثُلي العليا.
خذي يد هذا الرجل، التي تبدو كيد طفل،
بين يديكِ، مُلمّعة بصابون أصفر،
افركي مسامير القدم الصلبة ومفاصل الأصابع النقية
برفق يدي الطبية الهادئة.
ارقدي بسلام يا ماريا العجوز،
ارقدي بسلام يا مناضلة قديمة،
سيعيش أحفادك جميعًا ليروا الفجر،
أقسم.